قال: يا رسول الله لا أقترح العذاب إلا على واحد، وهو الذي تعدى على صاحبنا هذا، لما كف عنه توقيرا لعلي بن أبي طالب عليه السلام، ورده نفاقه (1) إلى إخوانه من اليهود فهو منهم، يؤتى واحد واحد منهم نضربه بسيف مرهف (2) إلا ذاك، فإنه يعذب به فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا سعد، ألا من اقترح على عدوه عذابا باطلا، فقد اقترحت أنت عذابا حقا.
فقال سعد للفتى: قم بسيفك هذا إلى صاحبك المتعدي عليك، فاقتص منه.
قال: تقدم إليه فما زال يضربه بسيفه حتى ضربه بنيف (3) وعشرين ضربة كما كان ضربه [هو] فقال: هذا عدد ما ضربني به فقد كفاني.
ثم ضرب عنقه، ثم جعل الفتى يضرب أعناق قوم يبعدون عنه، ويترك قوما يقربون في المسافة منه ثم كف وقال: دونكم.
فقال سعد: فأعطني السيف، فأعطاه، فلم يميز أحدا، وقتل كل من كان أقرب إليه حتى قتل عددا منهم، ثم مل (4) ورمى بالسيف وقال: دونكم.
فما زال القوم يقتلونهم حتى قتلوا عن آخرهم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله للفتى: ما بالك قتلت من بعد في المسافة عنك وتركت من قرب؟
فقال: يا رسول الله كنت أتنكب عن (5) القرابات وآخذ في الأجنبي.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وقد كان فيهم من كان ليس لك بقرابة وتركته، قال: يا رسول الله كان لهم على أياد في الجاهلية، فكرهت أن أتولى قتلهم، ولهم علي تلك الأيادي.