[حديث حنين العود، وفيه ما يدل على فضل علي عليه السلام:] 88 - وأما حنين العود إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يخطب بالمدينة إلى جذع نخلة في صحن مسجدها، فقال له بعض أصحابه (1):
يا رسول الله إن الناس قد كثروا، وأنهم يحبون النظر إليك إذا خطبت. فلو (2) أذنت [في] أن نعمل لك منبرا له مراق ترقاها فيراك الناس إذا خطبت. فأذن في ذلك.
فلما كان يوم الجمعة مر بالجذع، فتجاوزه إلى المنبر فصعده، فلما استوى عليه حن إليه ذلك الجذع حنين الثكلى، وأن أنين الحبلى، فارتفع بكاء الناس وحنينهم وأنينهم، وارتفع حنين الجذع وأنينه في حنين الناس وأنينهم ارتفاعا بينا.
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ذلك نزل عن المنبر، وأتى الجذع فاحتضنه ومسح عليه يده، وقال: أسكن فما تجاوزك رسول الله صلى الله عليه وآله تهاونا بك، ولا استخفافا بحرمتك ولكن ليتم لعباد الله مصلحتهم، ولك جلالك وفضلك إذ كنت مستند محمد رسول الله. فهدأ حنينه وأنينه، وعاد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى منبره، ثم قال:
معاشر المسلمين هذا الجذع يحن إلى رسول رب العالمين، ويحزن لبعده عنه وفي عباد الله - الظالمين أنفسهم - من لا يبالي: قرب من رسول الله صلى الله عليه وآله أو بعد [و] (3) لولا أني ما احتضنت هذا الجذع، ومسحت يدي عليه ما هدأ حنينه [وأنينه] إلى يوم القيامة.
وإن من عباد الله وإمائه لمن (4) يحن إلى محمد رسول الله وإلى علي ولي الله كحنين هذا الجذع، وحسب المؤمن أن يكون قلبه على موالاة محمد وعلي وآلهما الطيبين [الطاهرين] منطويا، أرأيتم شدة حنين هذا الجذع إلى محمد رسول الله؟