قال لهم: أقلتم أن العالم قديم ليس بمحدث وأنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به، وبمعنى ما جحدتموه؟ قالوا: نعم.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فهذا الذي نشاهده من الأشياء بعضها إلى بعض مفتخر، لأنه لا قوام للبعض الا بما يتصل به، ألا ترى أن البناء محتاجا بعض أجزائه إلى بعض والا لم يتسق، ولم يستحكم، وكذلك سائر ما ترون.
وقال صلى الله عليه وآله: فإذا كان هذا المحتاج - بعضه إلى بعض لقوته (1) وتمامه - هو القديم، فأخبروني أن لو كان محدثا كيف كان يكون؟ وماذا كانت تكون صفته؟
قال: فبهتوا [وتحيروا] وعلموا أنهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه بها الا وهي موجودة في هذا الذي زعموا أنه قديم، فوجموا (2) وقالوا: سننظر في أمرنا.
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الثنوية - الذين قالوا: النور والظلمة هما المدبر ان - فقال: وأنتم فما الذي دعاكم إلى ما قلتموه من هذا؟
فقالوا: لأنا وجدنا العالم صنفين: خيرا وشرا، ووجدنا الخير ضد الشر، فأنكرنا أن يكون فاعل [واحد] يفعل الشئ وضده، بل لكل واحد منهما فاعل، ألا ترى أن الثلج محال أن يسخن كما أن النار محال أن تبرد، فأثبتنا لذلك صانعين قديمين: ظلمة ونورا.
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: أفلستم قد وجدتم سوادا وبياضا، وحمرة وصفرة، وخضرة وزرقة؟ وكل واحدة ضد لسائرها لاستحالة اجتماع اثنين منهما في محل واحد، كما كان الحر والبرد ضدين لاستحالة اجتماعهما في محل واحد؟ قالوا: نعم.
قال: فهلا أثبتم بعدد كل لون صانعا قديما ليكون فاعل كل ضد من هذه الألوان غير فاعل الضد الاخر؟! قال: فسكتوا.