تفسير الإمام العسكري (ع) - المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) - الصفحة ٥٣٦
لله قدرة (1) ثم قال صلى الله عليه وآله: أتقولون ما قبلكم (2) من الليل والنهار متناه أم غير متناه؟
فان قلتم: غير متناه فكيف (3) وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوله؟
وإن قلتم: إنه متناه أم غير فقد كان ولا (4) شئ منهما بقديم. قالوا: نعم.
1) قال المجلسي - رحمه الله - أي فلا تنكروا أن الأشياء مقدورة لله تعالى، وأن الله خالقها أولا تنكروا قدرة الله على احداثها من كتم العدم ومن غير مادة، ثم أخذ صلى الله عليه وآله في إقامة البرهان على حدوثها وهو يحتمل وجهين:
الأول: أن يكون إلى آخر الكلام برهانا واحدا، حاصله أنه لا يخلو من أن يكون الليل والنهار أي الزمان غير متناه من طرف الأزل منتهيا الينا، أو متناهيا من طرف الأزل أيضا، فعلى الثاني فالأشياء لحدوثها لابد لها من صانع يتقدمها ضرورة فهذا معنى قوله [وسيأتي تباعا]: " فقد كان ولا شئ منهما " أي كان الصانع قبل وجود شئ منهما.
ثم أخذ صلى الله عليه وآله في ابطال الشق الأول بأنكم إنما حكمتم بقدمها لئلا تحتاج إلى صانع، والعقل السليم يحكم بأن القديم الذي لا يحتاج إلى صانع لابد أن يكون مباينا في الصفات والحالات للحادث الذي يحتاج إلى الصانع، والعقل السليم يحكم بأن القديم الذي لا يحتاج إلى صانع لابد أن يكون مباينا في الصفات والحالات للحادث الذي يحتاج إلى الصانع، مع أن ما حكمتم بقدمه لم يتميز عن الحادث في شئ من التغيرات والصفات والحالات، أو المعنى أن ما يوجب الحكم في الحادث بكونه محتاجا إلى الصانع من التركب واعتوار الصفات المتضادة عليه وكونها في معرض الانحلال والزوال كلها موجودة فيما حكمتم بقدمه وعدم احتياجه إلى الصانع: فيجب أن يكون هذا أيضا حادثا مصنوعا.
الثاني: أن يكون قوله: (أتقولون) إلى قوله: (قال لهم أقلتم) برهانا واحدا بأن يكون قوله: (فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوله) ابطالا للشق الأول بالإحالة على الدلائل التي أقيمت على ابطال الأمور الغير المتناهية المترتبة، بناء على عدم اشتراط وجودها معا في اجرائها كما زعمه أكثر المتكلمين، ويكون بعد ذلك دليلا واحدا كما مر سياقه ويمكن أن يقرر ما قبله أيضا برهانا ثالثا على اثبات الصانع بأن يكون المراد بقوله صلى الله عليه وآله: (حكمتم بحدوث ما تقدم من ليل ونهار) لبيان أن حكمهم بحدوث كل ليل ونهار يكفي لاحتياجها إلى الصانع ولا ينفعكم قدم طبيعة الزمان، فان كل ليل وكل نهار لحدوثه بشخصه يكفي لاثبات ذلك.
2) " تقدم " أ، ص، والبرهان.
3) " فقد " الاحتجاج 4) " حادثا فلا " أ.