[أمره صلى الله عليه وآله لحذيفة وما جرى له:] ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر بالرحيل في أول نصف الليل الأخير، وأمر مناديه فنادى: ألا لا يسبقن رسول الله صلى الله عليه وآله أحد إلى العقبة، ولا يطأها حتى يجاوزها رسول الله صلى الله عليه وآله.
ثم أمر حذيفة أن يقعد في أصل العقبة، فينظر من يمر به، ويخبر رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رسول الله صلى الله عليه وآله أمره أن يستتر (1) بحجر.
فقال حذيفة: يا رسول الله إني أتبين الشر في وجوه رؤساء عسكرك، وإني أخاف إن قعدت في أصل الجبل، وجاء منهم من أخاف أن يتقدمك إلى هناك للتدبير عليك يحس بي، فيكشف عني، فيعرفني وموضعي من نصيحتك فيتهمني ويخافني فيقتلني.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنك إذا بلغت أصل العقبة، فاقصد أكبر صخرة هناك إلى جانب أصل العقبة وقل لها: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله يأمرك أن تنفرجي لي حتى أدخل في جوفك، ثم يأمرك أن ينثقب فيك ثقبة أبصر منها المارين، ويدخل علي منها الروح لئلا أكون من الهالكين " فإنها تصير إلى ما تقول لها بإذن الله رب العالمين.
فادى حذيفة الرسالة ودخل جوف الصخرة، وجاء الأربعة والعشرون على جمالهم وبين أيديهم رجالتهم، يقول بعضهم لبعض:
من رأيتموه ههنا كائنا من كان فاقتلوه، لئلا يخبروا محمدا أنهم قد رأونا ههنا فينكص (2) محمد، ولا يصعد هذه العقبة إلا نهارا، فيبطل تدبيرنا عليه.