ما أوحى الله تعالى إليه أن الله سيظهره (1) باكيدر حتى يأخذه، ويصالحه على ألف أوقية ذهب في صفر، وألف أوقيته ذهب في رجب، ومائتي حلة في رجب، ومائتي حلة في صفر، وينصرف سالما إلى ثمانين يوما.
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: إن موسى وعد قومه أربعين ليلة، وإني أعدكم ثمانين ليلة، أرجع سالما غانما ظافرا بلا حرب تكون، ولا أحد يستأسر (2) من المؤمنين.
فقال المنافقون: لا والله، ولكنها آخر كراته (3) التي لا ينجبر بعدها، وإن أصحابه ليموت بعضهم في هذا الحر، ورياح البوادي، ومياه المواضع المؤذية الفاسدة ومن سلم من ذلك فبين أسير في يد أكيدر، وقتيل وجريح.
واستأذنه المنافقون بعلل ذكروها: بعضهم يعتل بالحر، وبعضهم بمرض جسده (4) وبعضهم بمرض عياله، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يأذن لهم.
[بيان بناء مسجد ضرار] فلما صح (5) عزم رسول الله صلى الله عليه وآله على الرحلة إلى تبوك، عمد هؤلاء المنافقون فبنوا خارج المدينة مسجدا، وهو مسجد ضرار، يريدون الاجتماع فيه، ويوهمون أنه للصلاة، وإنما كان ليجتمعوا فيه لعلة الصلاة فيتم تدبيرهم، ويقع هناك ما يسهل لهم به ما يريدون.
ثم جاء جماعة منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقالوا: يا رسول الله إن بيوتنا قاصية عن مسجدك، وإنا نكره الصلاة في غير جماعة، ويصعب علينا الحضور، وقد بنينا مسجدا، فان رأيت أن تقصده وتصلي فيه لنتيمن (6) ونتبرك بالصلاة في موضع