تزرون (1) على رب العالمين؟
قال: فسكت القوم بعد أن قالوا: سننظر في أمورنا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله للفريق الثالث: لقد ضربتم لنا مثلا، وشبهتمونا بأنفسكم ولا سواء، وذلك أنا عباد الله مخلوقون مربوبون نأتمر له فيما أمرنا، وننزجر عما زجرنا، ونعبده من حيث يريده منا، فإذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه ولم نتعد إلى غيره مما لم يأمرنا ولم يأذن لنا، لأنا لا ندري لعله [ان] أراد منا الأول فهو يكره الثاني، وقد نهانا أن نتقدم بين يديه، فلما أمرنا أن نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا، ثم أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في سائر البلدان التي نكون بها فأطعنا، فلم نخرج في شئ من ذلك من اتباع أمره، والله عز وجل حيث أمر بالسجود لآدم لم يأمر بالسجود لصورته التي هي غيره، فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه، لأنكم لا تدرون لعله يكره ما تفعلون إذ لم يأمركم به.
وقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله أرأيتم لو أذن لكم (2) رجل دخول داره يوما بعينه ألكم أن تدخلوها بعد ذلك بغير أمره؟ أو لكم أن تدخلوا دارا له أخرى مثلها بغير أمره؟
أو وهب لكم رجل ثوبا من ثيابه، أو عبدا من عبيده، أو دابة من دوابه، ألكم أن تأخذوا ذلك؟ [قالوا: نعم. قال:] (3) فإن لم تأخذوه (4)، أخذتم آخر مثله؟ قالوا: لا، لأنه لم يأذن لنا في الثاني كما أذن لنا في الأول.
قال صلى الله عليه وآله: فأخبروني الله تعالى أولى بأن لا يتقدم على ملكه بغير أمره أو (5) بعض المملوكين؟
قالوا: بل الله أولى بأن لا يتصرف في ملكه بغير أمره واذنه.