تفسير الإمام العسكري (ع) - المنسوب إلى الإمام العسكري (ع) - الصفحة ٦٤٥
ادعى " زيد بن (1) محمد " إلى أن ولد لعلي الحسن والحسين عليهما السلام فكرهت ذلك لأجلهما (2)، وقلت - لمن كان يدعوني -: أحب أن تدعوني زيدا مولى رسول الله
١) إليك هذه الآيات: " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس، والله أحق أن تخشاه. فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا، وكان أمر الله مفعولا.
ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل، وكان أمر الله قدرا مقدورا..
ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين... " ٣٧ - ٤٠ " وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم...
ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين.. " الأحزاب: ٤ - ٥.
أقول: والضابط أن من كان أبا أو أخا أو ابنا بالحقيقة، فله أحكام خاصة بين الأب وابنه وبين الأخوين، وإذا كان ادعائيا، كأن تبنى رسول الله زيدا، أو قال: أنا وعلى أبوا هذه الأمة، أو جعل عليا أخاه، بل نفسه في آية المباهلة " أنفسنا وأنفسكم " فهذا ليس الا ادعاءا وشرافة، ولها أحكامها الخاصة بها، ولا تغير ما كان لها من قبل الا أن تناله يد التنزيل والاعتبار كما ثبت في النسب الرضاعي.
وعلى هذا تزوج النبي صلى الله عليه وآله من أمته، وزوج فاطمة من علي (ع) وكذلك الحال في أزواج الأدعياء شرعا، وإنما كان رسول الله أسوة لكي لا يكون حرج على المؤمنين في أزواج أدعيائهم... والسر في ذلك ما قاله تعالى " ذلك قولكم بأفواهكم ".
2) لا عجب من زيد هذا إذ عرف النبي صلى الله عليه وآله وأخلص في حبه له وآله متفانيا وآثر آل الرسول صلى الله عليه وآله بما نهى النفس عن الهوى متفاخرا.
فكان حقا لهذا المحب الواله الناطق بلسان قلبه أن يستحيى من أن يدعى ب " زيد بن محمد " مضاهيا بالبنوة لريحانتي رسول الله صلى الله عليه وآله وابنيه الحسن والحسين عليهما السلام كيف لا وان الحسين عليه السلام وصفه جبرئيل الأمين عن رب العالمين - يوم هبط للتهنئة بميلاده - بأنه سيد الشهداء من الأولين والآخرين.
وهذا فضل من الله ومقام محمود لا ينال الا بهدى الله وتقاه، ولا يطعن بفرية اللسان، وجرح القلم واللسان.
وفضل زيد هذا لا ينال من فضل أبى الفضل العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام إذ لا يقول لأخيه - حقا - الا: " سيدي ومولاي " وقد حل بفنائه شهيدا.
فيا أيها القارئ الكريم لا تعجب من شدة حب زيد واخلاصه، ولا تقس بنفسك، ولا.. ولا..
فان هذا كمال الاخلاص والعرفان الذي لا يناله الا من آتاه الله من فضله ورحمته.
قال تعالى: " ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ": ق / 37.