فقال سعد: يا رسول الله قد أصيب أكحلي (1) هذا، وربما ينفجر منه الدم وأخاف الموت والضعف قبل أن أشفي من بني قريظة. [فمسح عليه رسول الله صلى الله عليه وآله يده فبرأ إلى أن شفا الله صدره من بني قريظة] (2) فقتلوا عن آخرهم. وغنمت أموالهم وسبيت ذراريهم، ثم انفجر كلمه (3) ومات، وصار إلى رضوان الله عز وجل.
فلما رقأ (4) دمه [من جراحاته] قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
يا سعد سوف يشفي الله [بك] غيظ المؤمنين، ويزداد لك غيظ المنافقين.
فلم يلبث [إلا] يسيرا حتى كان حكم سعد في بني قريظة لما نزلوا [بحكمه] وهم تسع (5) مائة وخمسون رجلا جلدا (6). شبابا ضرابين بالسيف فقال: أرضيتم بحكمي؟ قالوا: بلى.
وهم يتوهمون أنه يستبقيهم (7) لما كان بينه وبنيهم من الرحم والرضاع والصهر قال: فضعوا أسلحتكم، فوضعوها، قال: اعتزلوا، فاعتزلوا، قال: سلموا حصنكم. فسلموه.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: احكم فيهم يا سعد.
فقال: قد حكمت فيهم بأن يقتل رجالهم، وتسبى نساؤهم وذراريهم وتغنم أموالهم فلما سل المسلمون سيوفهم ليضعوا عليهم (8) قال سعد: لا أريد هكذا يا رسول الله.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كيف تريد؟ اقترح، ولا تقترح العذاب، فان الله كتب الاحسان في كل شئ حتى في القتل.