الوعيد الذي لا يراد به وقوع الفعل وإنما هو زجر وردع، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحكم به، وإليه ذهب أحمد بن حنبل، وأما عامة الفقهاء فعلى خلافه انتهى. قال المنذري:
لم يجزم عكرمة بسماعه من أبي هريرة فهو مرسل انتهى.
(نهى عن لقطة الحاج) قال في السبل أي من التقاط الرجل ما ضاع للحاج والمراد ما ضاع في مكة لحديث أبي هريرة مرفوعا " عند الشيخين ((ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد)) ولحديث ابن عباس مرفوعا " عندهما أيضا " بلفظ ((ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها)) وحمله الجمهور على أنه نهى عن التقاطها للتملك لا للتعريف بها فإنه يحل، قالوا: وإنما اختصت لقطة الحاج بذلك لامكان إيصالها إلى أربابها إن كانت لمكي فظاهر، وإن كانت لآفاقي فلا يخلو في الغالب من وارد منه إليها فإذ عرفها واجدها في كل عام سهل التوصل إلى معرفة صاحبها. قال ابن بطال:
وقال جماعة هي كغيرها من البلاد وإنما تختص مكة بالمبالغة بالتعريف لأن الحاج يرجع إلى بلده وقد لا يعود فاحتاج الملتقط إلى المبالغة في التعريف بها، والظاهر القول الأول وأن حديث النهي بهذا مقيد بحديث أبي هريرة بأنه لا يحل التقاطها إلا لمنشد، فالذي اختصت به لفظة مكة أنها لا تلتقط إلا للتعريف بها أبدا " فلا يجوز للتملك، ويحتمل أن هذا الحديث في لقطة الحاج مطلقا " في مكة وغيرها لأنه هنا مطلق ولا دليل على تقييده بكونها في مكة انتهى كلام السبل. وقال ابن الملك: أراد لقطة حرم مكة أي لا محل لأحد تملكها بعد التعريف بل يجب على الملتقط أن يحفظها أبدا " لمالكها وبه قال الشافعي، وعند الحنفية لا فرق بين لقطة الحرم وغيره انتهى (قال أحمد) بن صالح (قال ابن وهب) في تفسير هذا الحديث (يعني في لقطة الحاج يتركها) الواجد ولا يأخذها (حتى يجد) أي اللقطة (صاحبها) صاحب اللقطة.
وقد تعقب على هذا التفسير ابن الهمام من الأئمة الحنفية فقال في فتح القدير شرح الهداية:
ولا عمل على هذا في هذا الزمان لفشو السرقة بمكة من حوالي الكعبة فضلا " عن المتروك انتهى. قال في الغاية: وما قاله ابن الهمام حسن جدا (قال ابن موهب عن عمرو) بصيغة العنعنة وأما أحمد بن صالح فقال أنبأنا ابن وهب أخبرني عمرو بصيغة الاخبار. قال المنذري: