رسول الله فرض زكاة الفطر، ومرة قرأ مالك على عبد الله بن مسلمة، لكن زاد مالك في مرة أخرى على الرواية الأولى. فلفظ مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا " من تمر أو صاعا " من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين انتهى (فرض زكاة الفطر) فيه دليل على أن صدقة الفطر من الفرائض: وقد نقل ابن المنذر وغيره اجماع على ذلك، ولكن الحنفية يقولون بالوجوب دون الفرضية، على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب. قالوا إذ لا دليل قاطع تثبت به الفرضية، قال الحافظ: وفي نقل اجماع نظر لأن إبراهيم بن علية وأبا بكر بن كيسان الأصم قالا: أن وجوبها نسخ واستدل لهما بما روى النسائي وغيره عن قيس بن سعد بن عبادة قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهانا ونحن نفعله. قال وتعقب بأن في إسناده راويا " مجهولا "، وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ، لاحتمال الاكتفاء بالأمر الأول لأن نزول فرض الواجب سقوط فرض آخر. وقد ثبت أن قوله تعالى (قد أفلح من تزكى) نزلت في زكاة الفطر، كما روى ذلك ابن خزيمة (زكاة الفطر) أضيفت الزكاة إلى الفطر لكونها تجب بالفطر من رمضان كما في الفتح. وقد استدل بقوله زكاة الفطر على أن وقت وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر لأنه وقت الفطر من رمضان، وقيل: وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد، لأن الليل ليس محلا للصوم، وإنما يتبين الفطر الحقيقي بالأكل بعد طلوع الفجر، والأول قول الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي في الجديد وإحدى الروايتين عن مالك، والثاني قول أبي حنيفة والليث والشافعي في القديم، والرواية الثانية عن مالك (صاع من تمر أو صاع من شعير) الصاع خمسة أرطال وثلث رطل وهو قول أهل المدينة وأهل الحجاز كافة، وهذا هو الصحيح من حيث الرواية. وذهب العراقيون إلى أن الصاع ثمانية أرطال وهو غير صحيح وقد تقدم البحث مبسوطا " في باب مقدار الماء الذي يجزئ به الغسل أو للتخيير قال الطيبي: دل على أن النصاب ليس بشرط. قال القاري أي للإطلاق، وإلا فلا دلالة فيه نفيا " وإثباتا ". فعند الشافعي تجب إذا فضل عن قوته وقوت عياله ليوم العيد وليلته قدر صدقة الفطر
(٥)