(قال بلى حلس) أي في بيتي حلس بكسر مهملة وسكون لام كساء غليظ يلي ظهر البعير تحت القتب (نلبس) بفتح الباء (بعضه) أي بالتغطية لدفع البرد (ونبسط بعضه) أي بالفرش (وقعب) بفتح فسكون أي قدح (نشرب فيه من الماء) من تبعيضية أو زائدة على مذهب الأخفش (قال ائتني بهما) أي بالحلس والقعب (قال) أي أنس (من يشتري هذين) أي المتاعين فيه غاية التواضع وإظهار المرحمة للعلم بأنه إذا خرج عليهما رغب فيهما بأكثر من ثمنها مع ما فيه من التأكيد في هذا الأمر الشديد (آخذهما) بضم الخاء ويحتمل كسرها (قال من يزيد على درهم مرتين) ظرف فقال (أو ثلاثا ") شك من الراوي (أنا آخذهما بدرهمين) فيه دليل على جواز بيع المعاطاة (وقال اشتر) بكسر الراء وفي لغة بسكونها (بأحدهما) أي أحد الدرهمين طعاما " (فانبذه) بكسر الباء أي اطرحه (إلى أهلك) أي ممن يلزمك مؤونته (واشتر بالآخر قدوما ") بفتح القاف وضم الدال أي فأسا "، قيل بتخفيف الدال والتشديد (فأتاه به) أي بعد ما اشتراه (فشد) من باب ضرب يقال شد يشد شدة أي قوي فهو شديد (عودا ") أي ممسكا " (بيده) الكريمة.
والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم أحكم في القدوم مقبضا " من العود والخشب ليمسك به القدوم لأن القدوم بغير المقبض لا يستطيع الرجل به قطع الحطب وغيره بلا كلفة فلذلك فعله صلى الله عليه وسلم تفضلا " وامتنانا " عليه. وفي الفارسية بمحكم كرد دران قدوم سة رابدست خود (فاحتطب) أي اطلب الحطب واجمع (ولا أرينك خمسة عشر يوما ") أي لا تكن هنا هذه المدة حتى لا أراك. وهذا مما أقيم فيه المسبب مقام السبب. والمراد نهي الرجل عن ترك الاكتساب في هذه المدة لا نهي نفسه عن الرؤية، كذا في المرقاة.
وقال السيوطي قال سيبويه: من كلامهم لا أرينك ههنا، والانسان لا ينهى نفسه، وإنما المعنى لا تكون ههنا، فإن من كان ههنا رأيته ونظيره (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) فإن ظاهره النهي عن الموت، والمعنى على خلافه لأنهم لا يملكون الموت فينتهون عنه وإنما