الراوي (سدادا ") بالكسر ما يسد به الفقر ويدفع ويكفي الحاجة (ورجل) أي غني (أصابته فاقة) أي حاجة شديدة اشتهر بها بين قومه (حتى يقول) أي على رؤوس الأشهاد (ثلاثة من ذوي الحجى) بكسر الحاء وفتح الجيم مقصورا " أي العقل الكامل (أصابت فلانا " الفاقة) أي يقول ثلاثة من قومه هذا القول لأنهم أخبر بحاله والمراد المبالغة في ثبوت الفاقة (فحلت له المسألة) أي فيسبب هذه القرائن الدالة على صدقه في المسألة صارت حلالا " له (وما سواهن) أي هذه الأقسام الثلاثة (سحت) بضمتين وبسكون الثاني وهو الأكثر هو الحرام الذي لا يحل كسبه لأنه يسحت البركة أي يذهبها (يأكلها) أي يأكل ما يحصل له بالمسألة قاله الطيبي. والحاصل يأكل حاصلها. قال في السبل: يأكلها أي الصدقة أنث لأنه جعل السحت عبارة عنها وإلا فالضمير له انتهى (صاحبها سحتا ") نصب على التمييز أو بدل من الضمير في يأكلها أو حالا " قال ابن الملك:
وتأنيث الضمير بمعنى الصدقة والمسألة. والحديث فيه دليل على أنها تحرم المسألة إلا لثلاثة.
الأول لمن تحمل حمالة وذلك أن يتحمل الانسان عن غيره دينا " أو دية أو يصالح بمال بين طائفتين فإنها تحل له المسألة. وظاهره وإن كان غنيا " فإنه لا يلزمه تسليمه من ماله وهذا هو أحد الخمسة الذي يحل لهم أخذ الصدقة وإن كانوا أغنياء كما سلف في حديث أبي سعيد. والثاني من أصاب ماله آفة سماوية، أو أرضية كالبرد والغرق ونحوه بحيث لم يبق له ما يقوم بعيشه حلت له المسألة حتى يحصل له ما يقوم بحاله ويسد خلته. والثالث من أصابته فاقة ولكن لا تحل له المسألة إلا بشرط أن يشهد له من أهل بلده لأنهم أخبر بحاله ثلاثة من ذوي العقول لا من غلب عليه الغباوة والتغفيل، وإلى كونهم ثلاثة ذهبت الشافعية فقالوا لا يقبل في الإعسار أقل من ثلاثة. وذهب غيرهم إلى كفاية الاثنين قياسا " على سائر الشهادات وحملوا الحديث على الندب، ثم هذا محمول على من كان معروفا " بالغنى ثم افتقر، أما إذا لم يكن كذلك فإنه يحل له السؤال وإن لم يشهدوا له بالفاقة يقبل قوله. وقد ذهب إلى تحريم السؤال ابن أبي ليلى وإنها تسقط به العدالة. والظاهر من الأحاديث تحريم السؤال إلا للثلاثة المذكورين أو أن لم يكن المسؤول السلطان كما سلف كذا في السبل قال المنذري: وأخرجه مسلم والنسائي.
(يسأله) حال أو استئناف بيان (فقال أما في بيتك شئ) بهمزة استفهام تقريري وما نافية