بأس للمحرم أن ينكح ولكنه لا يدخل بها حتى يحل، وهو قول ابن عباس وابن مسعود. وقال سعيد بن المسيب وسالم والقاسم وسليمان بن يسار والليث والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق: لا يجوز للمحرم أن ينكح ولا ينكح غيره فإن فعل ذلك فالنكاح باطل، وهو قول عمر وعلي. انتهى.
قلت: لا حجة لهم برواية ابن عباس هذه لأنها مخالف لرواية أكثر الصحابة ولم يروه كذلك إلا ابن عباس وحده وانفرد به، قاله القاضي عياض، ولأن سعيد بن المسيب وغيره وهموه في ذلك وخالفته ميمونة وأبو رافع فرويا أنه نحكها وهو حلال وهو أولى بالقبول لأن ميمونة هي الزوجة وأبو رافع هو السفير بينهما فهما أعرف بالواقعة من ابن عباس لأنه ليس له من التعلق بالقصة مالهما ولصغره حينئذ عنهما إذ لم يكن في سنهما ولا يقرب منه فإن لم يكن وهما " فهو قابل للتأويل بأنه تزوجها في أرض الحرم وهو حلال فأطلق ابن عباس على من في الحرم أنه محرم لكن هو بعيد، وأجيب عن التفرد بأنه قد صح من رواية عائشة وأبي هريرة نحوه كما قاله الحافظ في الفتح، وقول سعيد بن المسيب أخرجه أبو داود وسكت عنه هو ثم المنذري، وفي إسناده رجل مجهول فالقول المحقق في جوابه بأن رواية صاحب القصة والسفير فيها أولى لأنه أخبر وأعرف بها والله أعلم.
وقال الحافظ في الفتح: وأجابوا عن حديث ميمونة بأنه اختلف في الواقعة كيف كانت ولا تقوم بها الحجة ولأنها تحتمل الخصوصية فكان الحديث في النهي عن ذلك أولى بأن يؤخذ به. وقال عطاء وعكرمة وأهل الكوفة يجوز للمحرم أن يتزوج كما يجوز له أن يشتري الجارية للوطء، وتعقب بأنه قياس في معارضة السنة فلا يعتبر به. وأما تأويلهم حديث عثمان بأن المراد به الوطء، فمتعقب بالتصريح فيه بقوله ولا ينكح بضم أوله وبقوله فيه ولا يخطب انتهى، قال المنذري: وأخرجه البخاري والترمذي والنسائي بنحوه.
(وهم ابن عباس الخ) هذا هو أحد الأجوبة التي أجاب بها الجمهور عن حديث ابن عباس.