قلت: قال المنذري. حديث بلال أخرجه النسائي وابن ماجة. قال الدارقطني: تفرد به ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث عن أبيه وتفرد به عبد العزيز الدراوردي عنه. هذا آخر كلامه. والحارث بن بلال شبه المجهول، وقد قال الإمام أحمد في حديث بلال هذا إنه لا يثبت. هذا آخر كلامه. وحديث أبي ذر في ذلك صحيح. انتهى. وفي المنتقى قال أحمد بن حنبل. حديث بلال بن الحارث عندي ليس بثبت ولا أقول به ولا يعرف هذا الرجل يعني الحارث بن بلال. وقال: أرأيت لو عرف الحارث بن بلال إلا أن أحد عشر رجلا " من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يروون ما يروون من الفسخ أين يقع الحارث بن بلال منهم. وقال في رواية أبي داود: ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة، وهذا أبو موسى الأشعري يفتي به في خلافة أبي بكر وشطرا " من خلافة عمر، ويشهد لما قاله قوله في حديث جابر بل هي للأبد.
وحديث أبي ذر موقوف وقد خالفه أبو موسى وابن عباس وغيرهما انتهى.
وقال شمس الدين ابن القيم في زاد المعاد: نحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحارث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلط عليه، قال ثم كيف يكون هذا ثابتا " عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عباس يفتي بخلافه ويناظر عليه طول عمره بمشهد من الخاص والعام وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون ولا يقول له رجل واحد منهم هذا كان مختصا " بنا ليس لغيرنا انتهى وقد روي عن عثمان مثل قول أبي ذر في اختصاص ذلك بالصحابة ولكنهما جميعا " مخالفان للمروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك للأبد بمحض الرأي. قاله الشوكاني.
وأما حديث أبي ذر من أن المتعة في الحج كانت لهم خاصة فيرده إجماع المسلمين على جوازها إلى يوم القيامة. ومن جملة ما احتج به المانعون من الفسخ أن مثل ما قاله عثمان وأبو ذر لا يقال بالرأي، ويجاب بأن هذا من مواطن الاجتهاد ومما للرأي فيه مدخل، على أنه قد ثبت في الصحيحين عن عمران بن حصين أنه قال: تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن فقال رجل برأيه ما شاء، فهذا تصريح من عمران أن المنع من التمتع بالعمرة إلى الحج من بعض الصحابة إنما هو من محض الرأي، فكما أن المنع من التمتع على العموم من قبيل الرأي كذلك دعوى اختصاص التمتع الخاص أعني به الفسخ بجماعة مخصوصة. وقد أطال الكلام ابن القيم في ذلك والله أعلم.