ولبست ثيابا " صبيغا " واكتحلت، فأنكر ذلك عليها قالت أمرني أبي بهذا (فقال لي انحر من البدن) هكذا وقع في رواية أبي داود ولا يخلو من الوهم ويشبه أن يكون المراد أي انحر أنت عني وعن نفسي من البدن ستا " وستين وانحر بقية من هذا العدد لنفسك، فعلى هذا يكون النحر لكل من البدنة بيد علي رضي الله عنه لكن قد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم نحر غالب العدد لنفسه بيده كما سيجيء أو المراد هيئ لنحري وأحضرني في المنحر لكي أنحر هذا العدد المذكور بيدي وانحر أنت هذا العدد بيدك والله أعلم (أو ستا " وستين) وكان جملة الهدي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة كما في صحيح مسلم.
وفي لفظ لمسلم: فنحر ثلاثا " وستين بيده ثم أعطى عليا " فنحر ما غبر. قال النووي والقرطبي ونقله القاضي عن جميع الرواة: إن هذا هو الصواب لا ما وقع في رواية أبي داود (بضعة) بفتح الباء الموحدة وهي القطعة من اللحم وفي صحيح مسلم: ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر وطبخت، فأكل هو وعلي من لحمها وشربا من مرقها.
واستدل بهذا الحديث من قال إن حجه صلى الله عليه وسلم كان قرانا " وهو واضح لأنه صلى الله عليه وسلم أعلم بما كان نواه وقصده من ذلك وفيه دليل على صحة الإحرام معلقا " وعلى جواز الاشتراك في الهدي. وفيه دليل على جواز أكل القارن والمتمتع من لحم هديه. قال المنذري: وأخرجه النسائي وفي إسناده يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وقد احتج به مسلم وأخرجه جماعة. وقال الإمام أحمد حديثه فيه زيادة على حديث الناس. وقال البيهقي. كذا في هذه الرواية وقرنت وليس ذلك في حديث جابر وصف قدوم علي وإهلاله وحديث جابر أصح سندا " وأحسن سياقا " ومع حديث جابر حديث أنس يريد أن حديث أنس ذكر فيه قدوم علي وذكر إهلاله وليس فيه قرنت وهو في الصحيحين: وهذه القصة مذكورة في حديث جابر الطويل.