ورواه الزهراني والفروي عن مالك فقالا عن سعيد عن أبيه، وكذا رواه الترمذي في النكاح عن الحسن بن علي عن بشر بن عمر عن مالك عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة، ورواه أبو داود من جهة مالك وسهيل كلاهما عن سعيد عن أبي هريرة، فحصل اختلاف ظاهر بين الحفاظ في ذكر أبيه فلعله سمعه من أبيه عن أبي هريرة ثم سمعه من أبي هريرة نفسه فرواه تارة كذا وتارة كذا، وسماعه من أبي هريرة صحيح معروف انتهى كلام النووي ملخصا ".
وقال الزرقاني في شرح الموطأ: وأجيب بأن هذا اختلاف لا يقدح، فإن سماع سعيد من أبي هريرة صحيح معروف فلعله سمعه من أبي هريرة نفسه فحدث به على الوجهين، وبهذا جزم ابن حبان فقال سمع هذا الخبر سعيد المقبري عن أبي هريرة وسمعه من أبيه عن أبي هريرة فالطريقان جميعا " محفوظان انتهى. ويؤيده أن سعيدا " ليس بمدلس فالحديث صحيح متصل على كل حال انتهى.
(وذكر) أي سهيل (نحوه) أي نحو حديث مالك (إلا أنه قال بريدا ") أي لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر بريدا " إلا مع ذي محرم. قال النووي: والبريد مسيرة نصف يوم.
وقال ابن الأثير: هو أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل أربعة آلاف ذارع انتهى (لا يحل) نفي معناه نهي (فصاعدا ") هو منصوب على الحال. قال ابن مالك في شرح التسهيل:
هو بحذف عامله وجوبا " أي فارتقى ذلك صاعدا " أو فذهب صاعدا " (ذو محرم) بفتح الميم أي حرام (منها) بنسب أو صهر أو رضاع، إلا أن مالكا " كره تنزيها " سفرها مع ابن زوجها لفساد الزمان وحداثة الحرمة ولأن الداعي إلى النفرة عن امرأة الأب ليس كالداعي إلى النفرة عن سائر المحارم، والمرأة فتنة إلا فيما جبلت عليه النفوس من النفرة عن محارم النسب. وقوله أو زوجها وفي معناه السيد ولو لم يرد ذكر الزوج لقيس على المحرم قياسا " جليا ". ولفظ امرأة عام في جميع النساء، ونقل عياض عن بعضهم أنه في الشابة أما الكبيرة التي لا تشتهى فتسافر في كل الأسفار بلا زوج ولا محرم. قال ابن دقيق العيد: وهو تخصيص للعموم بالنظر إلى