مسيرة ليلة إلا ومعها ذو حرمة منها)) وفي رواية ((لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم إلا مع ذي محرم)) وفي رواية ((مسيرة يوم وليلة)) وفي رواية ((لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)) هذه روايات مسلم وغيره. وفي رواية لأبي داود ((لا تسافر بريدا ")) والبريد مسيرة نصف يوم قال العلماء: اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين واختلاف المواطن وليس في النهي عن الثلاثة تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد.
قال البيهقي كأنه صلى الله عليه وسلم يسأل عن المرأة تسافر ثلاثا " بغير محرم فقال لا، وسئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال لا، وسئل عن سفرها يوما فقال لا، وكذلك البريد، فأدى كل منهم ما سمعه، وما جاء منها مختلفا عن راو واحد فسمعه في مواطن فروى تارة هذا وتارة هذا وكله صحيح، وليس في هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر ولم يرد صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفرا ". فالحاصل أن كل ما يسمى سفرا " انتهي عنه المرأة بغير زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوما " أو بريدا " أو غير ذلك لرواية ابن عباس المطلقة وهي آخر روايات مسلم السابقة ((لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم)) وهذا يتناول جميع ما يسمى سفرا ". وأجمعت الأمة على أن المرأة يلزمها حجة الاسلام إذا استطاعت لعموم قوله تعالى ((ولله على الناس حج البيت)) وقوله صلى الله عليه وسلم ((بني الاسلام على خمس)) الحديث واستطاعتها كاستطاعة الرجل، لكن اختلفوا في اشتراط المحرم لها، فأبو حنيفة يشترط لوجوب الحج عليها إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاث مراحل ووافقه جماعة من أصحاب الحديث وأصحاب الرأي، حكى ذلك أيضا " عن الحسن البصري والنخعي. وقال عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين ومالك والأوزاعي والشافعي في المشهور عنه: لا يشترط المحرم بل يشترط الأمن على نفسها. قال أصحاب الشافعي: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات. ولا يلزمها الحج عند الشافعي إلا بأحد هذه الأشياء، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها لكن يجوز لها الحج معها هذا هو الصحيح قاله النووي في شرح مسلم.
قال القرطبي: وسبب هذا الخلاف مخالفة ظواهر الأحاديث لظاهر قوله تعالى ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)) لأن ظاهره الاستطاعة بالبدن فيجب على كل قادر عليه ببدنه، ومن لم تجد محرما قادرة ببدنها فيجب عليها، فلما تعارضت هذه الظواهر اختلف العلماء في تأويل ذلك، فجمع أبو حنيفة ومن وافقه بأن جعل الحديث مبينا الاستطاعة في حق المرأة، ورأى مالك ومن وافقه أن للاستطاعة الأمنية بنفسها في حق الرجال والنساء وأن الأحاديث المذكورة لم تتعرض للأسفار الواجبة. وقد أجيب أيضا " بحمل الأخبار على ما إذا لم