(لا يشرك بالله) حال من فاعل مات (شيئا) أي من الأشياء أو من الإشراك وهي أقسام عدم دخول قوم النار وتخفيف لبثهم فيها وتعجيل دخولهم الجنة ورفع درجات فيها قال ابن بطال في هذا الحديث بيان فضل نبينا صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء حيث آثر أمته على نفسه وأهل بيته بدعوته المجابة ولم يجعلها أيضا دعاء عليهم بالهلاك كما وقع لغيره ممن تقدم قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان قوله (وابن نمير) هو عبد الله بن نمير قوله (أنا عند ظن عبدي) المؤمن (بي) قال الطيبي الظن لما كان واسطة بين الشك واليقين استعمل تارة بمعنى يقين وذلك إن ظهرت أماراته وبمعنى الشك إذا ضعفت علاماته وعلى المعنى الأول قوله تعالى الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم أي يوقنون وعلى المعنى الثاني قوله تعالى وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون أي توهموا والظن في الحديث يجوز إجراؤه على ظاهره ويكون المعنى أنا أعامله على حسب ظنه بي وأفعل به ما يتوقعه مني من خير أو شر والمراد الحث على تغليب الرجاء على الخوف وحسن الظن بالله كقوله عليه الصلاة والسلام لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ويجوز أن يراد بالظن اليقين والمعنى أنا عند يقينه بي وعلمه بأن مصيره إلي وحسابه علي وأن ما قضيت به له أو عليه من خير أو شر لا مرد له لا معطي لما منعت ولا مانع لما أعطيت انتهى وقال القاضي قيل معناه بالغفران له إذا استغفر والقبول إذا تاب والإجابة إذا دعا والكفاية إذا طلبها وقيل المراد به الرجاء وتأميل العفو وهذا أصح (وأنا معه) أي بالرحمة والتوفيق والرعاية والهداية والإعانة أما قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم فمعناه بالعلم والإحاطة قال النووي (فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي) أي إن ذكرني بالتنزيه والتقديس سرا ذكرته بالثواب والرحمة سرا قاله الحافظ (وإن ذكرني في ملء) بفتح الميم واللام مهموز أي مع جماعة من المؤمنين أو في حضرتهم ذكرته في ملء خير (يعني الملائكة) المقربين (منهم) أي من ملء الذكرين (وإن اقترب إلي شبرا) أي مقدارا قليلا قال الطيبي شبرا وذراعا وباعا في الشرط والجزاء منصوب على الظرفية أي من تقرب إلي مقدار شبر (وإن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا) هو قدر مد اليدين وما بينهما من البدن (وإن أتاني) حال كونه (يمشي أتيته
(٤٦)