وهم السابقون على المخاطبين في الإسلام وقيل نزل الساب منهم لتعاطيه ما لا يليق به من السب منزلة غيرهم فخاطبه خطاب غير الصحابة قال القاري ويمكن أن يكون الخطاب للأمة الأعم من الصحابة حيث علم بنور النبوة أن مثل هذا يقع في أهل البدعة فنهاهم بهذه السنة (لو أن أحدكم) فيه إشعار بأن المراد بقوله أولا أصحابي أصحاب مخصوصون وإلا فالخطاب كان للصحابة وقد قال لو أن أحدكم أنفق وهذا كقوله تعالى لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل الآية ومع ذلك فنهى بعض من أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وخاطبه بذلك عن سب من سبقه يقتضي زجر من لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخاطبه عن سب من سبقه من باب الأولى وغفل من قال إن الخطاب بذلك لغير الصحابة وإنما المراد من سيوجد من المسلمين المفروضين في العقل تنزيلا لمن سيوجد منزلة الموجود القطع بوقوعه ووجه التعقب عليه وقوع التصريح في نفس الخبر بأن المخاطب بذلك خالد بن الوليد وهو من الصحابة الموجودين إذ ذاك بالاتفاق كذا في الفتح (أنفق مثل أحد ذهبا) زاد البرقاني في المصافحة من طريق أبي بكر بن عياش عن الأعمش كل يوم قال وهي زيادة حسنة (ما أدرك) وفي رواية البخاري ما بلغ (مد أحدهم ولا نصيفه) أي المد من كل شئ والنصيف بوزن رغيف هو النصف كما يقال عشر وعشير وثمن وثمين وقيل النصيف مكيال دون المد والمد بضم الميم مكيال معروف وفي شرح مسلم للنووي معناه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم ولأن إنفاقهم كان في نصرته صلى الله عليه وسلم وحمايته وذلك معدوم بعده وكذا جهادهم وسائر طاعتهم وقد قال تعالى لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة الآية وهذا كله مع ما كان فيهم في أنفسهم من الشفقة والنور والخشوع والتواضع والإيثار والجهاد في الله حق جهاده وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا ينال درجتها بشئ والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجة
(٢٤٦)