الأفعال المتقدمة كلها (لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك) أي لا مهرب ولا ملاذ ولا مخلص من عقوبتك إلا إلى رحمتك قال الحافظ أصل ملجأ بالهمزة ومنجا بغير همزة ولكن لما جمعا جازا أن يهمزا للازدواج وأن يترك الهمز فيهما وأن يهمز المهموز ويترك الآخر فهذه ثلاثة أوجه ويجوز التنوين مع القصر فتصير خمسة قال العيني إعرابهما مثل إعراب عصى وفي هذا التركيب خمسة أوجه لأنه مثل لا حول ولا قوة إلا بالله والفرق بين نصبه وفتحها بالتنوين وعدمه وعند التنوين تسقط الألف ثم إنهما إن كانا مصدرين يتنازعان منك وإن كانا مكانين فلا إذا اسم المكان لا يعمل وتقديره لا ملجأ منك إلى أحد إلا إليك ولا منجأ منك إلا إليك انتهى (آمنت بكتابك) يحتمل أن يريد به القرآن ويحتمل أن يريد اسم الجنس فيشمل كل كتاب أنزل (ونبيك الذي أرسلت) وقع في رواية أرسلته وأنزلته في الأول بزيادة الضمير المنصوب فيهما (مت على الفطرة) أي على دين الإسلام وقال الطيبي أي مت على الدين القويم ملة إبراهيم عليه السلام فإن إبراهيم عليه السلام أسلم واستسلم وقال أسلمت لرب العالمين وجاء ربه بقلب سليم (فرددتهن) أي رددت تلك الكلمات على النبي صلى الله عليه وسلم (لأستذكره) وفي رواية مسلم لأستذكرهن أي لأحفظ وأتذكر تلك الكلمات منه صلى الله عليه وسلم وأما تذكير الضمير في هذا الكتاب فبتأويل الدعاء (فقال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (قل آمنت بنبيك الذي أرسلت) ذكروا في إنكاره صلى الله عليه وسلم ورده اللفظ أوجها منها أمره أن يجمع بين صفتيه وهما الرسول والنبي صريحا وإن كان وصف الرسالة يستلزم النبوة ومنها أن ذكره احتراز عمن أرسل من غير نبوة كجبريل وغيره من الملائكة عليهم السلام لأنهم رسل الأنبياء ومنها أنه يحتمل أن يكون رده دفعا للتكرار لأنه قال في الأولى ونبيك الذي أرسلت قال الحافظ وأولى ما قيل في الحكمة في رده صلى الله عليه وسلم على من قال الرسول بدل النبي أن ألفاظ الأذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به وهذا اختيار المازري قال فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف ولعله أوحي إليه بهذه الكلمات فيتعين أداءها بحروفها وقال النووي في هذا الحديث ثلاث سنن مهمة مستحبة ليست بواجبة إحداها الوضوء عند إرادة النوم فإن كان متوضأ كفاه ذلك الوضوء لأن المقصود النوم على طهارة مخافة أن يموت في ليلته وليكون أصدق لرؤياه وأبعد من تلعب الشيطان به في منامه وترويعه إياه الثانية النوم على الشق الأيمن لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن ولأنه أسرع إلى الانتباه الثالثة ذكر الله تعالى ليكون خاتمة عمله انتهى قوله (وهذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان
(٢٠)