التخفيف لكل إمام مجمع عليه مندوب عند العلماء إليه إلا أن ذلك إنما هو أقل الكمال وأما الحذف والنقصان فلا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن نقر الغراب ورأى يصلي فلم يتم ركوعه فقال له أرجع فصل فإنك لم تصل وقال لا ينظر الله إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده ثم قال لا أعلم خلافا بين أهل العلم في استحباب التخفيف لكل من أم قوما على ما شرطنا من الاتمام وقد روى عن عمر بن الخطاب أنه قال لا تبغضوا الله إلى عباده يطول أحدكم في صلاته حتى يشق على من خلفه انتهى قوله (من أخف الناس صلاة في تمام) قال القاضي خفة الصلاة عبارة عن عدم تطويل قراءتها والاقتصار على قصار المفصل وعن ترك الدعوات الطويلة في الانتقالات وتمامها عبارة عن الاتيان بجميع الأركان والسنن واللبث راكعا وساجدا بقدر ما يسبح ثلاثا انتهى قال القاري في المرقاة بعد نقل كلام القاضي هذا وفيه إيهام إنه ما كان يقرأ أوساط المفصل وطوالها وقد ثبت قراءته إياها فالمعنى بالخفة أنه ما كان يمططها ويمددها في غير مواضعها كما يفعله الأئمة المعظمة حتى في مكة المكرمة في زماننا فإنهم يمدون في المدات الطبيعية قدر ثلاث ألفات ويطولون السكتات في مواضع الوقوفات ويزيدون في عدد التسبيحات انتظارا لفراغ المكبرين المطولين في النغمات بل كانت قراءته عليه السلام مجودة محسنة مرتلة مبينة من خاصية قراءته اللطيفة أنها كانت خفيفة على النفوس الشريفة ولو كانت طويلة لأن الأرواح لا تشبع منها والأشباح لا تقنع بها انتهى تنبيه قال صاحب العرف الشذي الحنفي ظهور التخفيف إنما يكون في القراءة لا في الركوع والسجود وتعديل الأركان ما هو معلوم من فعل صاحب الشريعة انتهى قلت لكن أكثر الحنفية يخالفون فعل صاحب الشريعة هذا فيخففون في الركوع والسجود غاية التخفيف حتى يكون سجودهم كنقر الديك وأما تعديل الأركان فلا يخففون فيه بل يتركونه رأسا فهداهم الله تعالى إلى فعل صاحب الشريعة الذي قال صلوا كما رأيتموني أصلي قوله (وهذا حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان
(٣٣)