الأفقه وقيل هو على ظاهره وبحسب ذلك اختلف الفقهاء قال النووي قال أصحابنا الأفقه مقدم على الأقرأ فإن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط فقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصلاة فيه إلا كامل الفقه ولهذا قدم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر في الصلاة على الباقين مع أنه صلى الله عليه وسلم نص على أن غيره أقرأ منه كأنه عنى حديث أقرؤكم أبي قال وأجابوا عن الحديث بأن الأقرأ من الصحابة كان هو الأفقه انتهى قال الحافظ في الفتح وهذا الجواب يلزم منه أن من نص النبي صلى الله عليه وسلم على أنه أقرأ من أبي بكر كان أفقه من أبي بكر فيفسد الاحتجاج بأن تقديم أبي بكر كان لأنه الأفقه انتهى ثم قال النووي بعد ذلك إن قوله في حديث أبي مسعود فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم في الهجرة يدل على تقديم الأقرأ مطلقا انتهى قال الحافظ وهو واضح للمغايرة وهذه الرواية أخرجها مسلم من وجه اخر عن إسماعيل بن رجاء ولا يخفى أن محل تقديم الأقرأ إنما هو حيث يكون عارفا بما يتعين معرفته من أحوال الصلاة فأما إذا كان جاه بذلك فلا يقدم اتفاقا والسبب فيه أن أهل ذلك العصر كانوا يعرفون معاني القران لكونهم أهل اللسان فالأقرأ منهم بل القاري كان أفقه في الدين من كثير من الفقهاء الذين جاؤوا بعدهم انتهى كلام الحافظ وقال الزيلعي في نصب الراية بعد ذكر حديث الباب ورواه ابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه إلا أن الحاكم قال عوض قوله فأعلمهم بالسنة فأفقههم فقها فإن كانوا في الفقه سواء فأكبرهم سنا انتهى قال وقد أخرج مسلم في صحيحه هذا الحديث ولم يذكر فيه فأفقههم فقها وهي لفظة عزيزة غريبة بهذا الاسناد الصحيح وسنده عن يحيى بن بكير ثنا الليث عن جرير بن حازم عن الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج عن أبي مسعود فذكره ثم أخرجه الحاكم عن الحجاج ابن أرطاة عن إسماعيل بن رجاء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأفقههم في الدين فإن كانوا في الفقه سواء فأقرأهم للقران والحديث وسكت عنه والباقون من الأئمة يخالفوننا في هذه المسألة ويقولون إن الأقرأ لكتاب الله يقدم على العالم كما هو لفظ الحديث حتى إذا اجتمع من يحفظ القران وهو غير عالم وفقيه يحفظ يسيرا من القران يقدم حافظ القران عندهم ونحن نقول يقدم الفقيه وأجاب صاحب الكتاب بأن الأقرأ في ذلك الزمان كان أعلمهم وهذا يرده لفظ الحاكم الأول ويؤيد مذهبنا لفظه الثاني إلا أنه معلول بالحجاج بن أرطأة قال ويشهد للخصم أيضا حديث عمرو بن سلمة ثم ذكره عن البخاري وفيه وبدر أبي قومهم بإسلامهم فلما قدم قال جئتكم والله من عند النبي حقا فقالوا صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلاة كذا في حين كذا وإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكثركم
(٢٨)