فيه بما يحسم عنا مواد بلائه.
قال الرجل: يا أمير المؤمنين فولني مجادلته فإني أفحمه وأصحابه وأضع من قدره فلولا هيبتك في نفسي لأنزلته منزلته وبينت للناس قصوره عما رشحته له:
قال المأمون: ما شئ أحب إلى من هذا، قال: فاجمع جماعة وجوه أهل مملكتك من القواد والقضاة وخيار الفقهاء لأبين نقضه بحضرتهم، فيكون أخذا له عن محله الذي أحللته فيه على علم منهم بصواب فعلك.
قال: فجمع الخلق الفاضلين من رعيته في مجلس واسع قعد فيه لهم وأقعد الرضا عليه السلام بين يديه في مرتبته التي جعلها له فتبدأ هذا الحاجب المتضمن للوضع من الرضا عليه السلام، وقال له: إن الناس قد أكثروا عنك الحكايات وأسرفوا في وصفك، بما أرى أنك إن وقفت عليه برئت إليهم منه.
قال وذلك إنك قد دعوت الله في المطر المعتاد مجيئه فجاء، فجعلوه آية معجزة لك وأوجبوا لك بها أن لا نظير لك في الدنيا، وهذا أمير المؤمنين أدام الله ملكه وبقائه ولا يوازي بأحد إلا رجح به، وقد أحلك المحل الذي قد عرفت، فليس من حقه عليك أن تسوغ الكاذبين لك وعليه ما يتكذبونه.
فقال الرضا عليه السلام: ما أدفع عباد الله عن التحدث بنعم الله علي وإن كنت لا أبغي أشرا ولا بطرا وأما ما ذكرك صاحبك الذي أحلني ما أحلني، فما أحلني إلا المحل الذي أحله ملك مصر يوسف الصديق عليه السلام وكانت حالهما ما قد علمت.
فغضب الحاجب عند ذلك وقال: يا بن موسى لقد عدوت طورك وتجاوزت قدرك أن بعث الله بمطر مقدر وقته لا يتقدم ولا يتأخر جعلته آية تستطيل بها وصولة تصول بها كأنك جئت بمثل آية الخليل إبراهيم عليه السلام لما أخذ رؤس الطير بيده ودعا أعضائها التي كان فرقها على الجبال فأتينه سعيا وتركبن على الرؤس وخفقن وطرن بإذن الله تعالى.
فإن كنت صادقا فيما توهم فأحيي هذين وسلطهما على، فإن ذلك يكون حينئذ