فيها ثلاثة مساجد للجمعات، فأما أول مسجد أقيمت فيه الجمعة فمسجد في داخل المدينة في أول الإسلام فلما كثر الإسلام بني المسجد المعروف بالمسجد العتيق على باب المدينة ويصلي فيها أصحاب الحديث، وبني من بعد ذلك المسجد الذي بني على ماجان، ويقال: إن ذلك المسجد والسوق ودار الأمارة من بناء أبى مسلم.
قال العطاردي: فضائل مدينة مرو وأخبارها كثيرة نذكرها إن شاء الله في تاريخ خراسان ثم اعلم أن في سنة اثنتين وثمانين ومائة بايع هارون لابنه عبد الله من بعد الأمين ولقبه المأمون وولاه ممالك خراسان بأسرها، وكانت أم المأمون خراسانية يقال لها مراجم الباذغيسية، وفي سنة اثنتين وتسعين ومائة توجه الرشيد نحو خراسان وأشخص معه المأمون، فلما بلغ طوس اشتد مرضه ومات، ولما مات بويع لولده الأمين بالعسكر وهو ببغداد ثم أخذ رجاء الخادم البر والقضيب والخاتم، وسار على البريد في إثنا عشر يوما من مرو حتى قدم بغداد، ودفع ذلك إلى الأمين، فصلى بالناس الجمعة وخطب ونعى الرشيد إلى الناس وبايعوه، وكان سيئ التدبير، كثير التبذير، ضعيف الرأي ولا يصلح للأمارة، ثم أرسل إلى المأمون بطلب منه أن يقدم موسى ابنه على نفسه فرد المأمون ذلك وأباه، ولما رجع الرسول وأخبر الأمين بامتناع المأمون أسقط اسمه من ولاية العهد، وبايع بولاية العهد لابنه موسى ولقبه الناطق بالحق وهو إذ ذاك طفل رضيع.
ولما تيقن المأمون ذلك كتب اسمه إمام المؤمنين، وبعد ذلك جرت بينهما حروب، وأرسل المأمون طاهر بن الحسين في جند كثيف لحرب الأمين وأرسل الأمين علي بن عيسى بن ماهان لقتال المأمون وأخذ معه قيد فضة ليقيد به المأمون على زعمه، فالتقى الجيشان بالري فكانت الغلبة لطاهر، وذبح علي بن ماهان وهزم جيشه وحملت رأسه إلى المأمون، فطيف بها في خراسان وسلم على المأمون بالخلافة.
ثم جاء طاهر إلى بغداد وحاصرها، وعظم الشر وكثر الخراب والهدم من