فلما بلغ إلى قوله:
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها * وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي قال له الرضا عليه السلام: آمنك الله يوم الفزع الأكبر.
فلما انتهى إلى قوله:
وقبر ببغداد لنفس زكية * تضمنه الرحمن في الغرفات قال له الرضا عليه السلام: أفلا الحق بهذا الموضع بيتين بها تمام قصيدتك؟ فقال: بلى يا ابن رسول الله، فقال عليه السلام:
وقبر بطوس يا لها من مصيبة * توقد في الأحشاء بالحرقات إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفرج عنا الهم والكربات فقال دعبل: يا ابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟ فقال الرضا عليه السلام قبري، ولا تنقضي الأيام والليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي وزواري في غربتي، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له.
ثم نهض الرضا عليه السلام بعد فراغ دعبل من إنشاده القصيدة وأمره أن لا يبرح من موضعه فدخل الدار، فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية، فقال له: يقول لك مولاي: اجعلها في نفقتك، فقال دعبل: والله ما لهذا جئت ولا قلت هذه القصيدة طمعا في شئ يصل إلي ورد الصرة وسأل ثوبا من ثياب الرضا عليه السلام جبة خز مع الصرة وقام للخادم: قل له: يقول لك [مولاي]: خذ هذه الصرة فإنك ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها فأخذ دعبل الصرة والجبة وانصرف (1).
393 - عنه - رحمه الله - قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني - رضي الله عنه - قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه عن الريان بن الصلت قال: قلت للرضا عليه السلام: أنت صاحب هذا الأمر، فقال: أنا صاحب هذا الأمر ولكني لست بالذي أملأها عدلا كما ملئت جورا، وكيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني، وإن القائم هو