قرب من المأمون ولم يقبل يده، ثم مضى، فأخذ جائزته، وناداه المأمون إرجع يا أبا جعفر إلى مجلسك، فرجع، ثم جعل أبو عباد يدعو بعلوي وعباسي، فيقبضان جوائزهما حتى نفدت الأموال، ثم قال المأمون للرضا: قم فاخطب الناس وتكلم فيهم، فقال بعد حمد الله والثناء عليه:
إن لنا عليكم حقا برسول الله صلى الله عليه وآله، ولكم علينا حق به، فإذا أديتم إلينا ذلك وجب علينا الحق لكم، ولم يذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس، وأمر المأمون فضربت له الدرهم وطبع عليها اسمه، وخطب للرضا عليه السلام في كل بلد بولاية العهد وقال عبد الجبار بن سعيد في تلك السنة على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء له: اللهم وأصلح ولي عهد المسلمين علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام:
ستة آباءهم ما هم * هم خير من يشرب صوب الغمام (1) قال اليافعي: الإمام الجليل المعظم سلالة السادة الأكارم أبو الحسن علي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أحد الأئمة الاثني عشر، أولي المناقب الذين انتسب الإمامية إليهم وقصروا بناء مذهبهم عليه، وكان المأمون قد زوجه ابنته أم حبيبة، وجعله ولي عهده وضرب اسمه على الدينار والدرهم، وكان السبب في ذلك أنه استحضر أولاد العباس الرجال منهم والنساء وهو بمدينة مرو من بلاد خراسان.
وكان عددهم ثلاثة وثلاثين ألفا ما بين كبير وصغير، واستدعى عليا المذكور، فأنزله أحسن منزل وجمع خواص الأولياء وأخبرهم أنه نظر في أولاد العباس، وأولاد علي بن أبي طالب، فلم يجد أحدا في وقته أفضل ولا أحق بالخلافة من علي الرضا فبايعه (2).