قال ابن الطقطقي: كان المأمون قد فكر في حال الخلافة بعده، وأراد أن يجعلها في رجل يصلح لها لتبرأ ذمته - كذا زعم - فذكر أنه اعتبر أحوال أعيان البيتين، البيت العباسي والبيت العلوي، فلم ير فيها أصلح ولا أفضل، ولا أورع، ولا أدين من علي بن موسى الرضا عليه السلام، فعهد إليه وكتب بذلك كتابا بخطه وألزم الرضا عليه السلام بذلك، فامتنع ثم أجاب، ووضع خطه في ظاهر كتاب المأمون بما معناه أني قد أجبت امتثالا للأمر، وإن كان الجفر والجامعة يدلان على ضد ذلك، وشهد عليهما بذلك الشهود.
وكان الفضل بن سهل وزير المأمون هو القائم بهذا الأمر والمحسن له، فبايع الناس لعلي بن موسى الرضا من بعد المأمون وسمي الرضا من آل محمد صلوات الله عليه، وأمر المأمون الناس بخلع لباس السواد ولبس الخضرة، وكان هذا في خراسان فلما سمع العباسيون ببغداد فعل المأمون، من نقل الخلافة عن البيت العباسي إلى البيت العلوي، وتغيير لباس آبائه وأجداده بلباس الخضرة، أنكروا ذلك وخلعوا المأمون من الخلافة غضبا من فعله (1).
قال أبو الفرج: أخبرني علي بن الحسين بن علي بن حمزة، عن عمه محمد بن علي بن حمزة العلوي، وأخبرني بأشياء منه أحمد بن محمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن الحسين العلوي وجمعت أخبارهم: أن المأمون وجه إلى جماعة من آل أبي طالب، فحملهم إليه من المدينة وفيهم علي بن موسى الرضا فأخذ بهم على طريق البصرة حتى جاؤه بهم.
وكان المتولي لإشخاصهم المعروف بالجلودي من أهل خراسان، فقدم بهم على المأمون، فأنزلهم دارا، وأنزل علي بن موسى الرضا دارا، ووجه إلى الفضل بن سهل فأعلمه أنه يريد العقد له، وأمره بالاجتماع مع أخيه الحسن بن سهل على