يعقد له الأمر بعده وجلس مع المأمون للبيعة. (1) قال كمال الدين بن طلحة: قد تقدم القول في أمير المؤمنين علي وزين العابدين وجاء هذا علي الرضا ثالثها، ومن أمعن النظر والفكرة وجد في الحقيقة وارثها فيحكم كونه ثالث العليين، نما إيمانه، وعلا شأنه وارتفع مكانه، واتسع إمكانه، وكثر أعوانه، وظهر برهانه، حتى أحله الخليفة المأمون محل مهجته، وأشركه في مملكته وفوض إليه أمر خلافته، وعقد عليه على رؤس الأشهاد عقد نكاح ابنته.
كانت مناقبه علية، وصفاته سنية، ومكارمه حاتمية نبوية، وشنشنته أخزمية وأخلاقه عربية ونفسه الشريفة هاشمية، وأرومته الكريمة، فمهما عد من مزاياه كان عليه السلام أعظم منه، ومهما فصل من مناقبه كان أعلا رتبة منه، وأما مناقبه وصفاته فما خصه الله تعالى به ويشهد له بعلو قدره وسمو شأنه وهو أنه لما جعله الخليفة المأمون ولى عهده، وأقامه خليفة من بعده كان في حاشية المأمون أناس كرهوا ذلك وخافوا خروج الخلاة عن بني العباس وعودها إلى بني فاطمة، فحصل عندهم من الرضا نفورا وافرا (2).
قال خليفة بن خياط في حوادث سنة إحدى ومائتين: فيها بايع المأمون لعلي بن موسى بن جعفر بالخلافة من بعده، وخلع القاسم بن هارون، وأمر بالسواد فألقي ولبست الخضرة، وفيها أخرج الحسن بن سهل من بغداد وبويع إبراهيم بن المهدي وأمه شكلة ببغداد، واخذت له الكوفة وعامة السواد (3) قال ابن كثير: وفيها بايع المأمون لعلي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب أن يكون ولي العهد من بعده