والحاصل: فأرسل يوسف ذلك القميص إلى يعقوب على يد بشير، فلما إن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا ثم كتب يوسف كتابا إلى يعقوب يستدعى منه قدومه إلى مصر فمضى يعقوب مع أولاده إلى مصر، فلما صار قريبا من مصر خرج يوسف ليستقبل أباه فلما رآه يوسف هم بان ينزل ليعقوب ثم نظر إلى ما هو فيه من الجلالة والعظمة والملك فلم يفعل: فلما سلم على يعقوب نزل عليه جبرئيل وقال: يا يوسف إن الله تبارك وتعالى يقول ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح ابسط يدك فبسطها فخرج من بين أصابعه نور فقال له: ما هذا النور يا جبرئيل؟ فقال: هذا نور النبوة أما إنه لا يخرج من صلبك نبي أبدا عقوبة لك بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه.
أقول: إن يوسف عظم نفسه طرفة عين فعاقبه الله بان سلب النبوة من ذريته والحسين (ع) لما خضع وعرف الله من قلبه الخضوع جعل الأمانة في ذريته وأعطاه نور الأمانة فأي قلب اخضع من قلبه بقي على الأرض صريعا، ووضع خده على التراب وجعل يقول: صبرا على قضائك وبلائك الخ.
مقدمة روى شيخنا الصدوق (رض) في (علل الشرائع) في تفسير قوله تعالى: (كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد) سمى فرعون ذو الأوتاد، قال الصادق (ع) لأنه إذا عذب رجلا بسطه على الأرض على وجهه ومد يديه ورجليه، فأوتدها بأربعة أوتاد في الأرض، وربما بسطه على خشبة منبسطة فوتد رجليه ويديه بأربعة أوتاد ثم تركه على حاله حتى يموت فسماه الله عز وجل فرعون ذو الأوتاد لذلك، وبهذه الكيفية عذب آسية بنت مزاحم زوجته، وذلك إن آسية لما عاينت المعجزة والعصا من موسى وغلبته على السحرة أسلمت فلما بان لفرعون نهاها فأبت فأوتد فرعون يديها ورجليها بأربعة أوتاد وألقاها في الشمس ثم أمر أن تلقى عليها صخرة من جبل عظيمة فلما قرب أجلها قالت: رب ابن لي عندك بيتا في الجنة فارتفع لها الحجب فنظرت إلى منزلها في الجنة فسرت وضحكت فرفعها الله تعالى إلى الجنة فهي فيها تأكل وتشرب.
وعن الحسن (ع) أن فرعون كلما أراد أن يمسها تمثلت له شيطانة يقاربها. وفي خبر كان فرعون يعذبها بالشمس فيبعث الله إليها الملائكة ليمنعون عنها الشمس ويظلونها.