والعفو عند الحساب، فأول شئ يحاسب عليه هو عمرك يقال لك في أي شئ أفنيت عمرك؟ فتقول في المعاصي والملاهي وليس لك جواب غير هذا، وأما إذا سئل موسى ابن جعفر " ع " فبم أفنيت عمرك؟ فيقول في العبودية الله تعالى والطاعة له مع ذلك كنت محبوسا انقل من سجن إلى سجن، ومن حبس إلى حبس فشتان بيننا وبينه بأبي وأمي ولم يزل محبوسا مظلوما غريبا وحيدا حتى سقى السم الخ.
المجلس الحادي والخمسون أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى يا موسى، انى وضعت ستة أشياء في أشياء والناس يطلبونها في ستة أشياء أخرى فلن يجدوه ابدا، انى وضعت الراحة في الجنة والناس يطلبونه في الدنيا فلن يجدوه قط، انى وضعت العلم في الجوع والناس يطلبونه في الشبع والوطن فلن يجدوه قط، انى وضعت العز في قيام الليل والناس يطلبونه في أبواب السلاطين فلن يجدوه قط اني وضعت الرفعة والدرجة في التواضع والناس يطلبونها في التكبر فلن يجدوها قط انى وضعت إجابة الدعاء في لقمة الحلال والناس يطلبونها في القيل والمقال فلن يجدوها قط، نعم ولإجابة الدعاء شروط: منها التحرز والتجنب عن أكل الحرام.
(في الارشاد) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان العبد ليرفع يديه إلى الله ومطعمه حرام وملبسه حرام فكيف يستجاب له وهذه حاله.
وفيه قال أمير المؤمنين " ع ": وللدعاء شروط أربعة: الأول احضار النية والثاني اخلاص السريرة، الثالث معرفة المسؤول، الرابع الانصاف في المسألة، فإنه روى في (ارشاد الديلمي) دخل إبراهيم الأدهم البصرة فاجتمع الناس إليه وقالوا:
يا أبا إسحاق فالله تعالى قال: (ادعوني استجب لكم) ونحن ندعوه فلا يستجب لنا؟ قال يا أهل البصرة، لان قلوبكم قد صارت في عشرة، أولها: عرفتم الله فلم تؤدوا حقه الثاني: قرأتم كتاب الله فلم تعملوا به. الثالث: قلتم نحب رسول الله وتركتم سنته الرابع: قلتم الشيطان لنا عدو فوافقتموه، الخامس: قلتم نحب الجنة ولم تعملوا لها