والناس، معه فخرق الصفوف ورآه معاوية فركب فرسه ومر هاربا واشتد القتال وحمل الرؤساء على الرؤساء واضطرب الناس ولم يسمع أحد إلا وقع الحديد على الحديد والهام على الهام حتى حجز بينهم الليل.
أقول: لما وقف عليه السلام ونادى هل من معين اجابه اثني عشر الف نفر وكسروا أجفان سيوفهم ووقف الحسين عليه السلام يوم عاشوراء ونادى هل من معين يعيننا وهل من ناصر ينصرنا فلم يجبه إلا ولده السجاد خرج وقد اتكى على عصاه الخ.
المجلس الخامس والثلاثون في (شرح القصيدة) اجتمع أهل العراق يوما من أيام صفين عند خيمة أمير المؤمنين عليه السلام ينتظرون خروجه، فخرج عليه السلام وركب فرسه البحر وعليه درع رسول الله (ص) متقلدا سيفه، متختما بخاتمه، متعمما بعمامته السحاب، وبيده قضيب رسول الله (ص) المشوق، وسلم عليه القوم فقال عليه السلام، يا مالك معي راية لم أخرجها إلا يومي هذا وهي أول راية أخرجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال لي عند وفاته (ص): يا أبا الحسن انك لتحارب الناكثين والقاسطين والمارقين، وأي تعب يصيبك من أهل الشام، فاصبر على ما أصابك إن الله مع الصابرين، ثم اخرج الراية وقد عفت وبليت فبكى الناس لما رأوها بكاء عاليا وقبلها من وجد إليها سبيلا.
وقال عليه السلام لقنبر: اخرج رمح رسول الله (ص) يرثه مني الحسن ولا يستعله وينكسر بيد الحسين وقد اخبرني رسول الله (ص) بأخبار كثيرة. يا مالك إن الدنيا دنية خلقت للفناء، والخير خير خلف للبقاء، ثم سار ومعه الناس إلى المعركة، صفوا الصفوف وتأهبوا للقتال فبرز من صف الشام رجل عليه درع مذهبة وبيضة عادية وبيده سيف حميري وصاح: يا أهل العراق، تزعمون إن اليوم تجري الدماء على الأرض كما يجري النهر، وقد صدقتم، اليوم نسفك دمائكم فليبرز إلي أشجعكم فبرز إليه عمرو ابن عدي النخعي فقال له: يا شامي أنت أول قتيل في يومنا هذا ثم تكافحا فسبقه عمرو بالضربة فصرعه، فقال أمير المؤمنين (ع) لقنبر: سر إلى الميمنة وقل لعبد الله بن