وضيق اللحد ويبكي ويقول فمالي لا أبكي أبكي لخروج نفسي أبكي لظلمة قبري أبكي لضيق لحدي أبكي لسؤال منكر ونكير إياي ولم يزل روحي له الفداء يذكر الموت والقبر واللحد والسؤال ويبكي:
هذا حال الزاهدين في الدنيا، وفي الخبر أزهد الزاهدين من لم ينس القبر والبلاء وترك فضل زينة الدنيا واثر ما يبقى على ما يفنى ولم يعد غدا من أيامه، وعد نفسه من أهل القبور، ومن الزاهدين من لم يقتنوا بتذكر القبر حتى جاوروا القبور إلى أن ماتوا قيل لأمير المؤمنين (ع): ما شأنك جاورت المقبرة؟ قال (ع): اني أجدهم خير جيران صدق يكفون الألسنة ويذكرون الآخرة، وكان أبو الدرداء يقعد إلى القبور فقيل له في ذلك فقال: اجلس إلى قوم يذكرونني معادي، وإذا قمت لم يغتابوني قال بهلول:
أجالس قوما لا يؤذونني، وان غفلت عن الآخرة يذكرونني، وان غبت لم يغتابوني والبهلول كلمات حسنة واشعار رائقة منها:
يا من تمتع بالدنيا وزينتها * ولا تنام عن اللذات عيناه شغلت نفسك فيما ليس تدركه * تقول لله ماذا حين تلقاه قال رسول الله (ص): اطلع على القبور، واعتبر بيوم النشور، وكان علي (ع) يعمل بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويطلع على القبور وينشد:
أحبيب مالك لا ترد جوابنا * أنسيت بعدي خلة الأحباب قال الحبيب وكيف لي بجوابكم * وانا رهين جنادل وتراب أكل التراب محاسني فنسيتكم * وحجبت عن أهلي وعن أترابي قيل: انشدها في مرثية الزهراء عليها السلام وله في ذلك أبيات شتى منها: أرى علل الدنيا.
المجلس الحادي والأربعون أوحى الله تعالى إلى عيسى بن مريم يا عيسى إنك تفنى وانا أبقى ومنى رزقك وعندي ميقات اجلك، والي إيابك وعلي حسابك فاسئلني ولا تسأل غيري، فيحسن منك