المجلس الرابع والثلاثون وممن قتل واستشهد في يوم صفين مع أمير المؤمنين (ع) عمار بن ياسر، وكان صحابيا. في (تاريخ ابن الأثير) كنيته: أبو اليقظان، شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد جاوز تسعين سنة بثلاث أو بأربع، وقبره بصفين.
قال في شرح القصيدة: برز عمار يوم صفين وكان يقتل كل من دنا إليه وهو ينشد:
نحن قتلناكم على تنزيله * ثم قتلناكم على تأويله ثم حمل وأحاط به أهل الشام وشرك في قتله أبو العادية الفزاري وأبو جوني السكسكي، اما أبو العادية فطعنه، واما أبو جوني فاحتز رأسه. ولما سقط عمار على الأرض فاستسقى فاتي بلبن في قدح فلما رآه كبر ثم شربه وقال: إن النبي (ص) قال آخر شرابك من الدنيا ضياح من لبن، وتقتلك الفئة الباغية بهذا آخر أيامي، وكان ذو الكلاع سمع عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله (ص) لعمار بن ياسر يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية.
وذو الكلاع كان من رؤساء عسكر أهل الشام وكان ستون ألفا من الفرسان تحت امرته، فقال لعمرو بن العاص: ويحك نحن الفئة الباغية وكان في شك من ذلك فيقول عمرو: إنه سيرجع إلينا وأنفق انه أصيب ذو الكلاع يوم أصيب عمار فقال عمرو بن العاص: ولو بقي ذو الكلاع لمال بعامة قومه ولأفسد علينا جندنا، واحتج رجلان في صفين في سلب عمار وفي قتله فاتيا عبد الله بن عمرو بن العاص يتحاكمان إليه فقال: ويحكما اخرجا عني فان رسول الله (ص) قال: أولعت قريش بعمار، وعمار يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار.
وفي (مجمع البحرين) إن عمار بن ياسر لما قتل يوم صفين احتمله أمير المؤمنين عليه السلام إلى خيمته وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول:
وما ظبية تسبي الظباء بطرفها * إذا انبعثت خلنا بأجفانها سحرا بأحسن مما خضب السيف وجهه * دما في سبيل الله لما قضى صبرا