عن ابن عباس قال: لما كنا في حرب صفين دعا علي (ع) ابنه محمد بن الحنفية فقال له: يا بني شد على العسكر، فحمل محمد على ميمنة أصحاب معاوية حتى كشفهم ثم رجع إلى أبيه مجروحا فقال: يا أبتاه العطش العطش فسقاه جرعة من الماء وصب الباقي بين درعه وجلده، قال ابن عباس: فوالله لقد رأيت علق الدم يخرج من حلق درعه فأمهله ساعة ثم قال: يا بني شد على الميسرة، فحمل على ميسرة عسكر معاوية فكشفهم ثم رجع وبه جراحات وهو يقول: الماء الماء يا أباه فسقاه جرعة من الماء وصب الباقي بين درعه وجلده ثم قال: يا بني شد على القلب فحمل عليهم وقتل منهم فرسانا ثم رجع إلى أبيه يبكي وقد أثقلته الجراح فقام إليه أبوه وقبل ما بين عينيه وقال له: فداك أبوك فقد سررتني والله بجهادك هذا بين يدي فما يبكيك أفرحا أم جزعا؟ فقال: يا أبة كيف لا بكي وقد عرضتني للموت ثلاث مرات فسلمني الله وها انا مجروح كما ترى وكلما رجعت إليك لتمهلني وهذا أخواي الحسن والحسين ما تأمرهما بشئ من الحرب، فقام إليه أمير المؤمنين (ع) وقال: يا بني أنت ابني وهذان أبناء رسول الله أفلا أصونهما عن القتل؟ فقال: بلى يا أبتاه جعلني الله فداهما من كل سوء.
لما رجع محمد إلى أبيه واستسقى الماء سقاه أمير المؤمنين عليه السلام، لكن لما رجع علي الأكبر إلى أبيه وقال يا أبة إلى آخر المصيبة.
المجلس الثلاثون.
(في نهج البلاغة) ومن كلام لأمير المؤمنين (ع) في ذم أهل البصرة: كنتم جند المرأة، واتباع البهيمة، ورغا فأجبتم، وعقر فهربتم. أخلاقكم دقائق، وعهدكم شقاق ودينكم نفاق، ومائكم زعاق، المقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه، وأيم الله لتغرقن بلدتكم حتى كأني انظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة أو نعامة جاثمة.
قوله (ع): كنتم جند المرأة واتباع البهيمة - يعني بذلك وقعة الجمل ومجئ عائشة إلى حربه - وأهل البصرة اجمعوا حولها واقبلوا ليعينوها وهم كالجراد الثابتة لا تتحلحل