المجلس السابع والثلاثون قال في نهج البلاغة: ومن خطبة له (ع) بعد التحكيم، الحمد لله وان أتى الدهر بالخطب الفادح والحدث الجلل، وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ليس معه إله غيره، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله، اما بعد: فان معصية الناصح الشفيق العالم المجرب تورث الحيرة وتعقب الندامة، وقد كنت أمرتكم في هذه الحكومة أمري، وانخلت لكم مخزون رأيي، لو كان يطاع لقصير أمر فأبيتم على اباء المخالفين الجفاة، والمنابذين العصاة، حتى ارتاب الناصح بنفسه، وضن الزند بقدحه فكنت وإياكم كما قال أخو هوازن:
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى * فلم تستبينوا النصح إلا ضحى الغد وخطب عليه السلام بهذه الخطبة بعد التحكيم، وذلك لما قف القتال بين علي أمير المؤمنين (ع) ومعاوية بن أبي سفيان في حرب صفين سنة سبع وثلاثون من الهجرة وكانت الحرب اكلت من كلا الفريقين، ورأي أصحاب معاوية ان الدبرة والهزيمة تكون لهم فرفعوا المصاحف على الرماح يطلبون رد الحكم إلى كتاب الله، وتكلم الناس في الصلح وتحكيم حكمين يحكمان بما في كتاب الله فاختار معاوية عمرو بن العاص واختار بعض أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام أبا موسى الأشعري عبد الله بن قيس فلم يرض أمير المؤمنين (ع) واختار: عبد الله بن عباس فلم يرضوه، ثم اختار الأشتر النخعي فلم يطيعوا فوافقهم على أبي موسى مكرها، بعد أن اعذر في النصيحة لهم فلم يذعنوا فقد نخل لهم - اي أخلص لهم رأيه في الحكومة أولا وآخرا - ثم انتهى أمر التحكيم بانخداع أبي موسى لعمرو بن العاص وخلعه أمير المؤمنين (ع) ومعاوية ثم صعود عمرو بعده واثباته معاوية وخلعه أمير المؤمنين (ع)، واعقب ذلك ضعف أمير المؤمنين (ع) وأصحابه.
خطب (ع) بهذه الخطبة، ونحن نذكر مجملا من هذا المفصل، ليكون تذكرة لمن تذكره، ومن أراد التفصيل فليراجع إلى محله، ولما كتب كتاب الموادعة بين أهل