المجلس الثامن ولما توفيت خديجة عليها السلام أشتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتراكمت عليه الهموم والغموم بحيث أحتجب عن الناس مدة مديدة، وسمي ذلك العام عام الحزن لأنه فقد في ذلك العام عمه أبا طالب وزوجته خديجة في سنة واحدة بل في شهر واحد ثم هاجر إلى الطائف شهرا ورجع إلى مكة ليقيم بها فلم يستطع لان مشركي قريش هموا بقتله واجتمعوا في دار الندوة، واستشاروا فيما بينهم في دفعه وسفك دمه، واجتمعت آرائهم على أن يهجموا عليه ليلا ويقطعوه في فراشه، ونزل عليه جبرئيل بهذه الآية (وإذ يمكر الذين كفروا ليقتلوك أو ليخرجوك أو ليثبتوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) وأمره بالمسير إلى غار ثور ومنها إلى المدينة.
ولما أراد الهجرة خلف عليا (ع) لقضاء ديونه، ورد الودائع التي كانت عنده وأمر ليلة الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه، ويقيه بنفسه كما كان ينام على فراشه منذ أربع سنين في شعب أبي طالب، وذلك بأمر من أبي طالب (ع) لأنه غاية همه حفظ رسول الله (ص) وصيانته عن مكائد قريش، وكان يأخذ بيد علي (ع) ويأتيه إلى فراش رسول الله (ص) ويأمره بالمبيت على الفراش، ويحول النبي (ص) إلى فراش آخر فكان علي (ع) يقول: أبتاه إني لمقتول فيقول له أبو طالب اصبرن يا بني أحجى كل حي مصيره لشعوب:
قد بذلناك والبلاء شديد * لفداء النجيب ابن النجيب لفداء الأعز الحسب الثاقب * والباع والفناء الرحيب أن تصبك المنون فالنبل تترى * فمصيب منها وغير مصيب فأجاب علي (ع):
أنا مرني بالصبر في نصر أحمد * فوالله ما قلت الذي قلت جازعا ولكنني أحببت أن تر نصرتي * لتعلم إني لم أزل لك طائعا سأسعى لوجه الله في نصر أحمد * نبي الهدى المحمود طفلا ويافعا