زفرتي؟ فأنبأه الله تبارك وتعالى عن قصته فقال: (كهيعص) فالكاف اسم كربلا والهاء هلاك العترة، والياء يزيد، وهو ظالم الحسين (ع)، والعين عطشه، والصاد صبره.
يا قتيلا صبره الممدوح من رب العباد * حيث قال الله فيه (كاف وها يعص) كربلا الكاف وقد حل بها كل البلا * قتلت فيه بيوم الطف سادات الملا ويزيد يائها المعهود والعين تلا * عطش السبط وقد اضرم نارا للفؤاد فلما سمع بذلك زكريا فارق مسجده ثلاثة أيام ومنع الناس من الدخول عليه واقبل على البكاء والنحيب وكان يرثيه.
إلهي، أتفجع خير جميع خلقك بولده، إلهي أتنزل هذه الرزية بفنائه، إلهي تلبس عليا وفاطمة ثوب هذه المصيبة، إلهي أتحل كربة هذه الفجعة بساحتها.
ثم كان يقول: إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر، فإذا رزقتنيه فافتنى بحبه ثم أفجعني به كما تفجع محمدا (ص) حبيبك بولده فرزقه الله يحيى وفجعه به، وكان حمل يحيى ستة أشهر، وحمل الحسين (ع) أيضا ستة أشهر، ويحيى بشر به زكريا قبل ولادته والحسين (ع) أيضا بشر به النبي (ص) قبل ولادته، يحيى رفعوه لتزوره الملائكة يحيى كان يتكلم في بطن أمه، والحسين كان يتكلم في بطن أمه، يحيى لم يرتضع من ثدي أمه ورضع من البان السماء، والحسين (ع) لم يرتضع من أنثى لا من أمه ولا من غيرها رضع من ثدي الرسالة - يعني لسان الرسول (ص) - يحيى لم يسم بإسمه أحد قبله والحسين (ع) ما سمى بإسمه أحد قبله، يحيى قتل مظلوما، والحسين قتل مظلوما يحيى قاتله ولد زنا، والحسين قاتله ولد زنا، يحيى بكت عليه السماء والأرض، الحسين (ع) بكت عليه السماء والأرض وما فيهن وما بينهن، يحيى أهدى برأسه إلى بغي من بغايا بني إسرائيل والحسين (ع) أهدى برأسه إلى يزيد بن معاوية، يحيى وضع رأسه في طشت بين يدي عدوه ونطق وقال: أيها الملك اتق الله فلا يجوز لك ولا يحل لك أن تأخذ ربيبتك، ورأس الحسين (ع) وضع في طشت بين يدي يزيد بن معاوية وتلا هذه الآية (وسيعلم الذين) الخ.
أقول: لا تقاس مصيبة يحيى بالحسين (ع) شتان بينه وبين الحسين ولقد أحسن وأجاد: