أمير المؤمنين على وسطه فبان نصفه وبقي نصفه على فرسه فقال عمرو بن العاص ما هذه إلا ضربة علي (ع) فكذبه معاوية فقال له عمرو قل للخيل تحمل عليه فان ثبت مكانه فهو علي بن أبي طالب فحملوا عليه فثبت لهم ولم يتزعزع ثم حمل عليهم فجعل يقتلهم حتى قتل ثلاثة وثمانين رجلا هذه شرذمة من حملاته وضرباته ونعم ما قيل:
ظهرت منه للورى سطوات * ما أتى القوم كلهم ما اتاه عن زيد بن وهب قال: لقد مر علي (ع) يوما بصفين ومعه بنوه وحمل على القوم واني لأرى النبل يمر من بين عاتقه ومنكبه وما من بنيه إلا يقيه بنفسه فكره علي (ع) ذلك فتقدم عليهم وتحول بينه وبين أهل الشام ويأخذ النبل بيده فيلقيه من ورائه.
أقول: كان مع علي (ع) أبنائه إذا حمل على العدو فمن كل جانب يقاتل يتقدم إليه أحد بنيه ويقيه بنفسه، ولكن ولده الغريب أبا عبد الله (ع) لما حمل على الأعداء لم يكن معه أحد لا من بنيه ولا من اخوته ولا من أصحابه حتى يقيه بنفسه ويحول بينه وبين سيوف أهل الكوفة ورماحهم ونبالهم حتى أثخنوه بالجراح، وكانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ فعند ذلك طعنه صالح بن وهب المزني لعنه الله في خاصرته طعنة سقط بها عن ظهر جواده إلى الأرض على خده الأيمن، نعم في خبر: أقبلت فخر المخدرات زينب وحالت بينه وبين شمر بن ذي الجوشن لعنه الله وصار ما صار.
المجلس الثالث والثلاثون ومن خواص أصحاب أمير المؤمنين (ع) مالك بن الحرث الأشتر، ويلقب بكبش العراق، وكان شديد البأس جوادا رئيسا حليما فصيحا شاعرا، وكان عضدا لأمير المؤمنين (ع)، وسطواته وحملاته في الحروب مشهورة. ولقد حزن عليه أمير المؤمنين (ع) لما بلغه موته حزنا شديدا وانهد أركانه.
في (شرح القصيدة) وفي (المجمع) لما جاءه هلاك مالك صعد المنبر فخطب الناس ثم قال: ألا أن مالك بن الحرث قد قضى نحبه، وأوفى عهده، ولقى ربه، فرحم الله مالكا لو كان جبلا لكان قدا، ولو كان حجرا لكان صلدا لله، وما مالك وهل قامت