الرضا (ع) جعل النساء كلهن في بيت واحد، ووقف على باب البيت، فقال الجلوذي لابد أن ادخل البيت وأسلبهن كما أمرني أمير المؤمنين الرشيد، فقال الرضا: أنا أسلبهن لك واحلف أن لا أدع عليهن شيئا إلا ثوبا واحدا، فلم يزل يطلب منه ويحلف له حتى سكن الجلوذي، فدخل أبو الحسن (ع) فلم يدع على نسائه شيئا حتى أقراطهن وخلاخيلهن وأزرارهن إلا أخذه منهن وجميع ما كان في الدار من قليل وكثير.
أقول: لما هجموا على دار الرضا (ع) كان حاضرا واقفا وجعل يحامي عن حريمه لكن لما هجموا على فسطاط زين العابدين (ع) وهو مريض لم يقدر أن يحامي عن الفاطميات والهاشميات حتى جعل أهل الكوفة ينزعون الملاحف عن ظهور الهاشميات الخ.
مقدمة قال الصادق (ع): مكة حرم الله والمدينة حرم رسول الله (ص) وقد لعن رسول الله (ص) من يحدث في المدينة حدثا وجعلها حرما، ويزيد لما بلغه الخبر إن أهل المدينة قد نقضوا عليه بيعته، واخرجوا عامله منها بعث إليهم مسلم بن عقبة في جيش عظيم، وكان اللعين فاسقا فاجرا لا يصلي ولا يغتسل للجنابة، وكان يعترف بربوبية يزيد فبعثه يزيد لعنه الله إلى المدينة، وقال له: إن ظفرت بهم فأبحها ثلاثة أيام بما فيها من الرجال والنساء والأطفال والأموال والسلاح فإذا مضت ثلاثة أيام فاكفف عنهم، ففعل اللعين ما أمره به يزيد بل وأسرف في جميع ذلك حتى سمى بمسرف بن عقبة أباحها ثلاثة أيام، وقتل منها خلقا كثيرا، ونهب أموالهم وهتك اعراضهم حتى ولد في المدينة من تلك الواقعة أربعة آلاف مولود لا يعرف لهم أب وشدوا الخيل إلى أساطين مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال الراوي: رأيت الخيل حول قبر النبي (ص) ثم بعد ذلك أخذ منهم البيعة على أنهم عبيد ليزيد، قال سعيد بن المسيب: وكان زين العابدين (ع) في تلك الأيام على قلق ووجل وهو يأتي قبر رسول الله (ص) ويدعو عنده وكنت أنا معه وهو يتكلم بكلام لم أقف عليه فيحال بيننا وبين القوم، ونصلي وندعوا ونرى القوم وهم ولا يروننا وكان رجل عليه حلل خضر وهو على فرس مجذوف اشهب بيده حربة مع علي بن الحسين (ع) وهو يحفظه ويحرسه.