بالطف كي يروا الأولى فوق القنا * رفعت مصاحفها اتقاء منون جعلت رؤس بني النبي مكانها * وشفت قديم لواعج وضغون وتتبعت اشقى ثمود وتبع * وبنت على تأسيس كل لعين الواثبين لظلم آل محمد * ومحمد ملقى بلا تكفين إلى آخر الأبيات.
المجلس السادس والثلاثون قال ابن أبي الحديد: وكتب معاوية كتابا إلى أمير المؤمنين (ع) في صفين بعد ما كادوا بتلك المكيدة وهي رفع المصاحف على رؤس الرماح، وتقاعد أهل العراق عن الحرب وجردوا سيوفهم على أمير المؤمنين (ع) وقالوا: أجب القوم على ما يدعوننا إليه.
كتب معاوية إلى أما بعد: فإن هذا الامر قد طال بيننا وبينك وكل واحد منا يرى إنه على الحق فيما يطلب منا صاحبه ولن يعط واحد منا الطاعة لصاحبه، وقد قتل فيما بيننا بشر كثير وأنا أتخوف أن يكون ما بقي أشد مما مضى وإنا سوف نسأل عن هذه المواطن ولا يحاسب به غيري وغيرك، ودعوتك إلى أمر لنا ولك فيه حياط وعذر وبراءة، وصلاح للأمة وحقن للدماء، وإلفة للدين، وذهاب الضغائن والفتن، وهو أن يحكم بيني وبينك حكمان مرضيان: أحدهما من أصحابي، والاخر من أصحابك فيحكمان بيننا بما انزل الله فهو خير لي ولك، واقطع هذه الفتن، فاتق الله فيما دعيت إليه، وارض بحكم القرآن إن كنت من أهله والسلام.
فاجابه أمير المؤمنين (ع)، من علي بن أبي طالب: إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد: فإن البغي والزور يرزيان المرء في دينه ودنياه، فاحذر الدنيا فإنه لا فرح في شئ وصلت إليه منها، ولقد عمت إنك غير مدرك ما قضى فواته، وقد رام قوم أمرا بغير الحق، وتأولوا على الله فأكذبهم ومتعهم قليلا، ثم اضطرهم إلى عذاب غليظ، فاحذر يوما يقنط فيه من حمد عاقبة علمه، ويندم فيه من أمكن الشيطان من قياده، وغرته الدنيا واطمأن إليها، ثم انك قد دعوتني إلى حكم القرآن ولقد علمت