صاحبه ولا يكلمه.
فلما كان الليلة الثالثة ورسول الله (ص) في بيت أم سلمة نزلت توبتهم بقوله تعالى: (لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم، ثم تاب عليهم إنه بهم رؤوف رحيم * وعلى الثلاثة الذين تخلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم) فأرسل إليهم النبي (ص) واحضرهم وبشرهم بقبول توبتهم وحسن حالهم، وتصدقوا بأموالهم شكرا لقبول توبتهم ونزول الآية.
أقول: قد قبل الله توبتهم بعد أن وقعت عليهم الذلة والخزي والمسكنة وهجرهم الناس ولا يردون عليهم سلامهم وغضب الله ورسوله والملائكة عليهم لما تخلفوا عن رسول الله ولم يخرجوا معه، والحال إن رسول الله (ص) خرج ومعه ثلاثون الف نفر ولم يحارب ورجع من غير محاربة.
فما صنع الله بقوم نظروا إلى إمامهم وابن بنت نبيهم غريبا وحيدا، وسمعوا نداءه واستغاثته ولم يعينوه، بأبي وأمي وقف ونادى: ألا من ذاب يرب عن حرم رسول الله، وهل من معين يعيننا لوجه الله فما اجابه أحد ولا أعانه.
المجلس الثامن والعشرون (في نهج البلاغة) ومن كلام لأمير المؤمنين (ع) - يعني به الزبير - في خال اقتضت ذلك يزعم إنه قد بايع بيده ولم يبايع بقلبه فقد أقر بالبيعة وادعى الوليجة فليأت عنها بأمر يعرف وإلا فليدخل فيما خرج منه.
والمقصود من هذه العبارة هو: الزبير بن العوام، وهو ابن صفية وهي عمة رسول الله (ص) وكان الزبير صهرا لأبي بكر وأسماء بنت أبي بكر كانت زوجته، ولما قتل عثمان بايع لأمير المؤمنين (ع) وهو أول من بايع، وكان علي يقول: اني لخائف أن تغدر بي وتنكث بيعتي قال: لا تخافن فإن ذلك لا يكون مني أبدا، فقال أمير المؤمنين (ع)