وفي الخبر: إن الحواريين قالوا: يا عيسى أحيي لنا يحيى بن زكريا حتى ننظر إلى وجهه، فخرج منهم وأحياه، وإذا نصف شعره أبيض وقد كان اسودا فسألوه فقال:
لما نوديت زعمت إن القيامة قد قامت فقال عيسى: أتريد أن اسأل الله ان يردك إلى الدنيا فقال: لا لان مرارة الموت لم تخرج من حلقي بعد. إذا كان هذا حال يحيى بن زكريا وهو نبي الله وكان في الزهد والعبادة بمرتبة عظيمة، لباسه الليف، وأكله الحشيش ولم يزل من صغر سنه مشغولا بالعبادة، ويبكي طول يومه وليله إلى أن قتل في سبيل الله إذا فما يكون حالنا؟ يحيى قتل مظلوما وطافوا برأسه في البلدان، وبكت عليه السماوات والأرضون، وكان الحسين (ع) يذكر يحيى ومظلوميته وشهادته ويبكي ويقول: من هوان الدنيا على الله إن رأس يحيى أهدى الخ.
المجلس الثالث والأربعون (بسم الله الرحمن الرحيم: والفجر وليال عشر والشفع والوتر) أقسم الله بانفجار الصباح وبالليالي وهي عشرة ذي الحجة، وبالشفع والوتر قيل: أي الأشياء كلها شفعها ووترها، وقيل: هما الشفع والوتر اللذان يتهجد بهما الانسان في آخر نوافله بالليل، وقيل: الشفع يوم التروية، والوتر يوم عرفة.
وروي إن الشفع الحسن والحسين، والوتر أمير المؤمنين، (والليل إذا يسر هل في ذلك قسم لذي حجر) - أي لذي عقل، والمقسم عليه محذوف أي ليعذبن كما يدل عليه ما بعهده (ألم تر كيف فعل ربك بعاد) يعني أولاد عاد سموا باسم أبيهم - وهو عاد بن عوص بن آدم بن سام بن نوح قوم هود، قيل: كان لعاد ابنان شديد وشداد فملكا وقهرا ثم مات شديد فخلص الامر لشداد وملك المعمورة ودانت له ملوكها، فسمع بذكر الجنة فبنى على مثلها في بعض صحاري عدن جنة وسماها ارم، فلما تمت سار إليها بأهله، فلما كان منها على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليهم صيحة من السماء فهلكوا (ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد)