قيل دبر إذا جاء بعد غيره، وأدبر إذا ولى مدبرا، فعلى هذا يكون المعنى في إذا دبر إذا جاء الليل في أثر النهار، وفي إذ أدبر إذا ولى الليل، فجاء الصبح عقيبه.
الخامسة: قوله تعالى ﴿والليل إذا عسعس * والصبح إذا تنفس﴾ (١) بتقريب ما مر في الآية السابقة على الوجهين، قال الرازي: ذكر أهل اللغة أن عسعس من الأضداد يقال عسعس الليل إذا أقبل، وعسعس إذا أدبر، وأنشدوا في ورودها بمعنى أدبر قول العجاج:
حتى إذا الصبح لها تنفسا * وانجاب عنها ليلها وعسعسا ثم منهم من قال المراد هنا أقبل الليل، لان على هذا التقدير يكون القسم واقعا باقبال الليل، وهو قوله (إذا عسعس) وبادباره وهو قوله (والصبح إذا تنفس) ومنهم من قال قوله (والصبح إذا تنفس) إشارة إلى تكامل طلوع الصبح، فلا يكون تكرارا انتهى، فظهر أن العجاج والرازي أيضا فهما الآية كما فهمنا، وجعلا إدبار الليل والصبح متلازمين بل مترادفين.
وقال الواحدي في تفسيره الوسيط قوله (والصبح إذا تنفس) أي امتد ضوؤه حتى يصير نهارا ونحوه قال الطبرسي - ره -.
السادسة: قوله سبحانه ﴿قل أرأيتم إن أتيكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون﴾ (2) استدل بها الراغب الاصفهاني على أن النهار في الشرع اسم لما بين طلوع الصبح إلى غروب الشمس وقال: بات فلان يفعل كذا موضوعة لما يفعل بالليل كظل لما يفعل بالنهار.
أقول: لا يتم ذلك إلا بضم ما سيأتي في ضمن الاخبار وأقوال العلماء من إطلاق التبييت على الزمان الذي نهايته طلوع الفجر كما ذكروا في تبييت الزوج عند ذات النوبة، والبيتوتة بالمشعر ومنى ومكة، وسيأتي الأخبار الكثيرة في ذلك وذكروا تبييت نية الصوم ولم يريدوا إلا النية قبل الفجر، قال في النهاية فيه: