ذاته سبحانه محتاجة في كمالها إلى غيرها، وهي الصفات وكل محتاج ممكن.
" باب البحث ممكن " أي طريق التفحص عن التوحيد ممكن، وطلب المخرج عن الشبهات حاصل، والحاصل أن الله تعالى نصب لكم حجة يمكنكم أن تعرفوه وتتعلموا منه التوحيد، ثم قال عليه السلام: معرفة عين الحاضر قبل معرفة صفاته كما أن زيدا تراه أولا ثم تعرف أنه عالم أو جاهل ونسبه وسائر أحواله " ومعرفة صفة الغائب قبل عينه " لأنه إنما يعرف بالصفات، ويحتمل أن يكون المراد أن الامام الذي يؤخذ منه التوحيد إن كان حاضرا يعرف عينه أولا ثم يعرف استحقاقه للإمامة بالدلائل والمعجزات والعلامات، والغائب بالعكس، ويحتمل أن يراد بالشاهد الممكنات والمخلوقات وبالغائب الخالق.
ثم سئل عليه السلام " كيف تعرف عين الشاهد قبل صفته " أي كيف يعرف عينه وصفاته؟ قال: " تعرفه " بالصفات التي تكون في الامام " وتعلم علمه " أي تأخذ عنه العلم حتى أنك " تعرف نفسك " وصفاتها به " و " الحال أنك " لا تعرف نفسك " التي هي أقرب الأشياء منك " بنفسك من " قبل " نفسك " وهو يعرفك إياها، أو المعنى تعلم كونه عالما بالسؤال عن غوامض العلوم وأنواعها ويعرف ما في نفسك أي يخبرك بما في قلبك وبما أنت غافل عنه من صفات نفسك; وعلى الأول فيه إيماء إلى أنه إذا لم تعرف نفسك إلا ببيان الامام وهي أقرب الأشياء منك تتوقع أن تعرف ربك بعقلك؟ " وتعلم أن ما فيه " أي ما يدعيه من الإمامة " له وبه " أي حاصلة له ومختصة به.
ثم استشهد عليه السلام لكون معرفة عين الشاهد قبل صفته بقصة يوسف و إخوته، حيث عرفوا ذاته أولا بالمشاهدة، ثم عرفوا صفته، وأنه أخوهم بما شاهدوا منه وسمعوا، فعرفوا صفته أيضا بذاته، كذلك الامام تعرف صفته من ذاته وبما يسمع ويرى منه من علومه ومعجزاته. قوله عليه السلام " ولا أثبتوه من أنفسهم بتوهم القلوب " أي كما يعرف الأمور الغائبة بالدلائل العقلية أو النقلية.
ثم أكد عليه السلام ما أومأ إليه سابقا من أن الامام لا بد من أن يكون معروفا