ارتحال [العسكر] (1) عسكر بني أمية، فرأيت عجائب لا أقدر (أن) (2) أحكي إلا بعضها.
منها: أنه إذا هبت الرياح تمر علي نفحات كنفحات المسك والعنبر، وإذا سكنت أرى نجوما تنزل من السماء [إلى الأرض] (3)، وترقى من الأرض إلى السماء مثلها، وأنا منفرد مع عيالي، ولا أرى أحدا أسأله عن ذلك، وعند غروب الشمس يقبل أسد من القبلة فأولي عنه إلى منزلي، فإذا أصبحت وطلعت الشمس وذهبت من منزلي، أراه مستقبل القبلة ذاهبا.
فقلت في نفسي: إن هؤلاء خوارج قد خرجوا على عبيد الله بن زياد، فأمر بقتلهم، وأرى [منهم] (4) ما لم أره من سائر القتلى، فوالله هذه الليلة لابد من المساهرة لأنظر (5) هذا الأسد أيأكل من هذه الجثث أم لا.
فلما صار عند غروب الشمس، وإذا به (قد) (6) أقبل فحققته فإذا هو هائل المنظر، فارتعدت منه وخطر ببالي إن كان مراده لحوم بني آدم فهو يقصدني، وأنا أحاكي نفسي بهذا فمثلته، وهو يتخطى القتلى حتى وقف على جسد كأنه الشمس إذا طلعت، فبرك عليه، فقلت: يأكل منه؟!
فإذا به يمرغ وجهه عليه وهو يهمهم ويدمدم.