تجبن نفسك، ولم تخر (1)، كنت كالجبل لا تحركه العواصف.
وكنت لما قال - صلى الله عليه وآله -: آمن الناس في صحبتك وذات يدك، وكنت كما قال - صلى الله عليه وآله -: ضعيفا في بدنك، قويا في أمر الله، متواضعا في نفسك، عظيما عند الله عز وجل، كبيرا في الأصل، جليلا عند المؤمنين، لم يكن لاحد فيك مهمز، ولا لقائل فيك مغمز، ولا لاحد فيك مطمع، ولا لاحد عندك هوادة.
الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه، والقوي العزيز عندك ضعيف ذليل حتى تأخذ منه الحق، والقريب والبعيد عندك في ذلك سواء، شأنك الحق والصدق والرفق، وقولك حكم وحتم، وأمرك حلم وحزم، ورأيك علم وعزم فيما فعلت وقد نهج السبيل، وسهل العسير وأطفأت (2) النيران، واعتدل بك الدين، وقوي بك الاسلام، وفي نسخة وظهر أمر الله ولو كره الكافرون، وثبت بك الاسلام والمؤمنون، وسبقت سبقا بعيدا، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا، فجللت عن البكاء، وعظمت رزيتك في السماء، وهدت مصيبتك الأنام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، رضينا عن الله قضاه، وسلمنا لله أمره، فوالله لن يصاب المسلمون بمثلك أبدا.
كنت للمؤمنين كهفا وحصنا وقنة (3) راسيا، وعلى الكافرين غلظة وغيظا، فألحقك الله بنبيه، ولا أحرمنا أجرك، ولا أضلنا بعدك.