أمن عزيف (1) ظاهر نحو السلم * ينكل من وجهه خير الأمم من قبل أن يبلغ آبار العلم * فيستقي والليل مبسوط الظلم ويأمن الذم وتوبيخ الكلم فلما وصلوا إلى الحس رجعوا وجلين، فقال النبي صلى الله عليه وآله: هل من رجل يمضي مع السقاة إلى البئر ذات العلم فيأتينا بالماء، أضمن له على الله الجنة؟ فلم يقم أحد، واشتد بالناس العطش وهم صيام، ثم قال لعلي عليه السلام:
سر مع هؤلاء السقاة حتى ترد بئر ذات العلم وتستقي (2) وتعود إن شاء الله، فخرج علي قائلا:
أعوذ بالرحمن أن أميلا * من عزف جن أظهروا تأويلا وأوقدت نيرانها تعويلا * وقرعت مع عزفها الطبولا قال: فتداخلنا (3) الرعب، فالتفت علي عليه السلام إلينا وقال: اتبعوا أثري، ولا يفزعنكم ما ترون وتسمعون، فليس بضائر كم إن شاء الله، ثم مضى، فلما دخلنا (4) الشجر فإذا بنيران تتضرم بغير حطب، وأصوات هائلة، ورؤوس مقطعة، لها ضجة وهو يقول: اتبعوني ولا خوف عليكم، ولا يلتفت أحد منكم يمينا ولا شمالا.
فلما جاوزنا الشجرة ووردنا الماء فأدلى البراء بن عازب دلوه في البئر، فاستقى دلوا أو دلوين، ثم انقطع الدلو فوقع في القليب، والقليب ضيق مظلم،