وقد علموا يقينا أنه لم يكن أحد منهم أشجع مني، وما نزل برسول الله صلى الله عليه وآله شدة شديدة، ولا ضيق إلا قدمني فيه، فنفرت بنفسي لله ولرسوله، وسالمته من الطول والفضل لله علي حيث خصني بذلك، ووفقني له، وان بعض من قد سمعت انه فر غير مرة فضائل كثيرة عند الخوف بأن يمنع عدوه كبسته، فإذا كان عند الرخاء والغنيمة تكلم وأمر ونهى.
ولقد كان ناداه عمرو بن عبد ود: يا عمرو باسمه، فحاد عنه، ولاذ بأصحابه حتى تبسم رسول الله صلى الله عليه وآله مما داخله من الرعب.
ولقد قال لأصحابه الأربعة أصحاب الكتاب الذي تعاهدوا عليه الرأي أراه والله أن ندفع محمدا برمته، ونسلم، وذلك حين جاء العدو من فوقنا ومن تحت أرجلنا، كما قال الله تعالى * (فزلزلوا زلزالا شديدا وتظنون بالله الظنونا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) * (1) فقال صاحبه: لا ولكن نتخذ صنما عظيما نعبده، لأنا لا نأمن أن يظفر ابن كبشة فيكون هلاكنا، ولكن يكون لنا ذخرا، وإن ظهرت قريش ظهرنا عبادة هذا الصنم، وأعلمناهم أننا لم نفارق ديننا، وإن رجعت دولة ابن أبي كبشة كنا مقيمين على عبادة هذا الصنم سرا، فأخبر بها جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله فخبرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله بعد قتل عمرو بن عبد ود ، فدعاهما، فقال: كم صنم عبدتما في الجاهلية؟ فقالا: يا محمد لا تعيرنا بما مضى في الجاهلية.
فقال: كم صنما عبدتما اليوم؟ فقالا: والذي بعثك بالحق نبيا، ما نعبد إلا الله مذ أظهرنا لك من دينك ما أظهرنا.
فقال: يا علي خذ هذا السيف ثم انطلق إلى موضع كذا وكذا، فاستخرج