من موبقة حلمتها عني فقابلتها بنعمتك، وكم من جريرة تكرمت علي بكشفها (1 بكرمك، إلهي إن طال في عصيانك عمري، وعظم في الصحف ذنبي، فما أنا مؤمل غير غفرانك، ولا أنا براج غير رضوانك، ثم ركع ركعات فأخذ في الدعاء والبكاء.
فمن مناجاته: إلهي أفكر في عفوك فتهون علي خطيئتي، ثم أذكر العظيم من أخذك فتعظم علي بليتي، ثم قال: أئن (2) أنا قرأت في الصحف سيئة أنا ناسيها وأنت محصيها، فتقول خذوه، فياله من مأخوذ لا تنجيه عشيرته، ولا تنفعه قبيلته، يرحمه (3) الملا إذا أذن فيه بالنداء، آه من نار تنضج الأكباد والكلى، آه من نار نزاعة للشوى، آه من غمرة من متلهبات (4) لظى، ثم أنعم عليه السلام في البكاء (5)، فلم أسمع له حسا، فقلت: غلب عليه النوم أوقظه لصلاة الفجر، فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة، فحركته فلم يتحرك، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، مات والله علي بن أبي طالب.
قال: فأتيت منزله مبادرا أنعاه إليهم، فقالت فاطمة عليها السلام: ما كان من شأنه؟ فأخبرتها، فقالت: هي والله الغشية التي تأخذه من خشية الله تعالى، ثم أتوه بماء فنضحوه على وجهه، فأفاق فنظر إلي وأنا أبكي، فقال: مم بكاؤك يا أبا الدرداء؟ فكيف لو رأيتني ودعي بي إلى الحساب، وأيقن أهل الجرائم (6) بالعذاب، واحتوشتني ملائكة غلاظ، وزبانية فظاظ، فوقفت بين يدي الملك